خالد بن حمد المالك
تحاول قوى كبرى أن تعبث بأمن المنطقة، معتمدة على أدوات محلية في كل دولة، وإقليمية على مستوى المنطقة، نجحت فيما آل إليه الوضع في العراق وسوريا واليمن وليبيا.. وفشلت فيما يتعلق بدول مجلس التعاون؛ ولا أعتقد بأن نصيباً من النجاح يمكن أن تحققه في خليجنا، فالمملكة ودول الخليج متماسكة، وفهمت مبكراً اللعبة، وتصدت لها ونجحت في إفشالها.
هذا لا يعني، أن أعداء دول مجلس التعاون الخليجي، سوف يكتفون بما واجهوه من فشل؛ فمحاولاتهم ستتكرر، وبذرة الشر سيحاولون مرة بعد أخرى أن تنمو؛ لتعطي ثمارها، والاختراقات باستخدام العملاء من دول المنطقة لن تكف عن تنفيذ ما هو مرسوم أو مخطط لمؤامرة كبرى، في مقابل ذلك فدولنا قادرة ومستعدة لحماية حدودها، وهي في جهوزية عالية لمواجهة أيّ مستجدات تمس مصالح مواطنيها.
علينا - في ضوء ذلك - أن نفكر جيداً ودائماً بما يجعلنا أقوياء، ودولاً مهابة، بالاعتماد على الذات، وعدم الركون فقط باعتمادنا على صداقات قد تتغير وتتبدل في مواقفها لأيّ من الأسباب، وأن نتذكر دائماً بأن القوة التي يجب أن نتسلح بها لا ينبغي أن تقتصر على الجانب العسكري، وإنما يجب أن تمتد إلى التعليم والسياسة، وإلى تطوير الذات، وأن يكون محور كل هذه العناصر الاستمرار في تطوير ونمو البلاد اقتصاديّاً وتنمويّاً ومعماريّاً.
والمملكة تحديداً، هي من يعتمد عليها في حفظ التوازن لدول مجلس التعاون، وهي قادرة على توحيد الكلمة، وبناء شراكات في كل الميادين مع شقيقاتها دول المجلس؛ وهذا ما نلاحظه من خلال التنسيق والتعاون والاجتماعات التشاورية المكثفة بين ملوكها وسلاطينها وأمرائها.. غير أن التحديات المقبلة تتطلب المزيد من التعاون، والكثير من التنسيق في المواقف، لتكون دولنا دائماً في وضع أفضل.
فكل شيء يتغيّر، الاقتصاد في نموه أو تراجعه، والسياسات بمواقفها المتقلبة، والتحالفات والصداقات وفق مصالح كل طرف، ما يعني أهمية أن تعتمد الدول -وبينها دولنا- على قوتها، وأن يكون مشروعها المستقبلي بإطلاق المزيد من الفرص والمبادرات التي تلبي تحقيق القوة المستدامة في كل الميادين، بما يحول دون فتح ثغرة في جدارنا السميك، كي لا تساعد عدواً لنا في النفاذ منها إلى حيث مصالحنا وقدراتنا.
أكثر ما يقلق أي مواطن ما يراه الآن في دول حولنا، العراق وسوريا واليمن كمثال لدول فاشلة، وما يراه من تخطيط لأن تمتد شرارتها -كما يتمنى عدو هذه الدول وعدونا- إلى بلداننا، ونحن الذين تمكّنا بقدراتنا وإمكاناتنا وفهمنا لما يرسم لدولنا من إفشال كل ما كان يخطط لنا بحكمة ودراية وحسن تعامل مع هذه التطورات التي تشهدها المنطقة.
ومن المؤكد أن ما نراه من أوضاع حولنا يزعجنا كثيراً، ويثير مكامن القوة لدى كل منا، غير أن حساباتنا في مواجهته وتجاربنا على امتداد السنين التي خلت يجعلنا في حالة اطمئنان لا استرخاء، وفي ترقب يقظ لما يدور حولنا، دون تهور في أخذ أيّ موقف، ومن غير استسلام أو تقليل من أهمية أيّ رياح تهب باتجاهنا، وبهذا نكون أقوى من الأقوياء، وأكثر صموداً من الصامدين، وأقدر على المواجهة من أيّ قوة في الأرض.