خالد بن حمد المالك
في تقريرها المرتبك أدانت الأمم المتحدة التحالف العربي في اليمن، وأدرجته بقيادة المملكة في اللائحة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال وتهدم المستشفيات والمدارس في الحرب القائمة هناك، وهي بذلك إنما تدين نفسها قبل أن تدين دول التحالف وعلى رأسها المملكة؛ فهذا تقرير يتناقض تماماً مع ما تقوم به دول التحالف والحكومة اليمنية الشرعية في تصديها للإرهاب «الحوثي - صالح» ضد المدنيين بتفويض من مجلس الأمن وفقاً للقرار 2216.
* *
واعتماد مجلس الأمن على صور ومقاطع مفبركة من مصادر مشبوهة لإدانة المملكة ودول التحالف، وانحيازها مع القوى المعادية للمملكة ودول التحالف، يظهر فشل المنظمة الدولية من جديد في القيام بما أوكل لها من مسؤوليات في حفظ الأمن والسلام في العالم، ويؤكد مجدداً أننا أمام منظمة انتقائية في قراراتها، وموجهة في مواقفها من دول كبرى في إصدار مثل هذا القرار المعيب.
* *
كان الأولى في المنظمة الدولية أن تركز إداناتها على الدول والمنظمات التي تتواجد منذ خمس سنوات في الملعب السوري، حيث تشارك روسيا وإيران وحزب الله مع نظام بشار في قتل السوريين المدنيين الأبرياء، وتحويل المدن السورية إلى أرض محروقة؛ وتمنع عن العزل من المدنيين المعونات الغذائية، وترفض السماح بفتح ممرات آمنة لهم لتمكينهم من الهروب من هذا الجحيم، لا أن تدين تحالفاً هو أحرص على أطفال اليمن ومدارسها ومستشفياتها من الأمم المتحدة.
* *
وكان على الأمم المتحدة، إذا ما أرادت أن تقوم بدورها -وهي مع الأسف- لا تقوم به كما ينبغي، أن تدين الولايات المتحدة الأمريكية على انتهاكها المستمر للأجواء اليمنية، وقتلها بطائراتها من غير طيار الأبرياء من المواطنين، بحجة أن هناك عناصر تنتمي للقاعدة، وأن ما يتم بحسب ادعاءاتها إنما هو للقضاء على العناصر التابعة للقاعدة التي تتواجد في جنوب اليمن، فيما أن دول التحالف نجحت في تطهير المدن وتحديداً «المكلا وأبين ولحج» من عناصر القاعدة دون أن يتعرض المدنيون إلى الإيذاء، بدلاً من الصمت المريب من المنظمة الدولية، واستمرار غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار في إلقاء حممها على الأبرياء، ولو كان عن طريق الخطأ.
* *
وما يجري في العراق من فرز طائفي، وقتل لأهل السنة في الفلوجة وغيرها بدم بارد، على أيدي القوات العراقية النظامية من الشيعة، وبمشاركة الحشد الشعبي الشيعي المدعوم من إيران، وبغطاء جوي مكثف من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، هو من كان يجب على المنظمة الدولية أن تركز عليه، وأن تدينه، وأن تسمي الدول الضالعة في هذه الجرائم بأسمائها، بدلاً من هذا القرار الجائر وغير المنصف الذي صدر عن الأمم المتحدة ضد المملكة ودول التحالف العربي.
* *
وفي ليبيا، حيث يقتل المدنيون، وتعم الفوضى غير الخلاقة تلك الديار، وقد أحالتها الدول الكبرى إلى ما هي عليه الآن، وعجزت عن إيقاف تدفق الدماء البريئة، حيث تتعفن أجساد القتلى من المدنيين في الطرقات، دون أن يلقى لها بال، مكتفية بمحاولات بعض الدول على استحياء في إيقاف هذه الجرائم، بينما دور الأمم المتحدة لا يتجاوز النداءات والنصائح البليدة، وإرسال مندوب يمثلها لإيجاد صيغة للمصالحة دون أن يحقق شيئاً.
* *
وأمام هذا القرار الغريب العجيب الذي صدر عن الأمم المتحدة، وهو المشكوك في صدقه وصحته، وبخاصة بعد أن أدانت نفسها بقرارها هذا، حيث ساوت فيه بين الانقلابيين في اليمن وقوات التحالف العربي في جرائم قتل الأطفال، لا نملك إلا أن نقول بأن هذه المنظمة (العجوز) هي الآن في مرحلة الإنعاش، فلعل يداً حانية، وعقلاً حكيماً، يوقظها مما هي فيه، لتكون منظمة للأمم كلها، لا للقوي المؤثر فيها.