خالد بن حمد المالك
لم يَطُل الانتظار بنا طويلاً لمعرفة تفاصيل حوكمة رؤية السعودية 2030 بمحاورها الثلاثة، وبرامجها التنفيذية السبعة؛ فقد أُعلنت تفاصيل التفاصيل بما طمأن المواطنين على أن هناك محاور للتوجهات، وتطويرًا للاستراتيجيات، وقياسًا لمستوى الإنجاز.. وهي محاور مهمة، ما كان للرؤية أن تحقق الآمال التي تعدنها بها من دونها.
* *
ولا يعني هذا أن المسؤولين عن تنفيذ الرؤية سيجدون الطريق مفروشًا لهم بالورود، أو أن الطريق سيكون معبدًا وسهلاً ومن دون معوقات؛ إذ إن المعوقات ستصاحب الرؤية، وستكون جزءًا من ممرات تطبيقها. وليس هناك من عمل أو إنجاز بلا عقبات، فكيف برؤية 2030 التي ينتظر منها أن تنقل المملكة إلى وضع مختلف، وإلى تطوُّر لم تشهده من قبل؟
* *
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لم يتركنا أمام غموض الموقف من الرؤية، أو حالة من الارتباك فيما يمكن أن تواجهه الرؤية عند بدء التطبيق؛ فسارع إلى الإعلان بأن الرؤية حددت العقبات التي قد تعترض خططها وبرامجها عند التنفيذ؛ ما سيساعد هذا الإفصاح وهذه الشفافية على تقريب المسافة في الفهم والاستيعاب والتفاعل بين الرؤية والمستفيدين منها، وهم المواطنون.
* *
وإذا كان إعلان إطار الحوكمة من شأنه ضمان التنفيذ الدقيق - كما يقول بذلك المراقبون وفقًا لصحيفة الجزيرة - فإن المراحل الثلاث التي ستمر بها ومن خلالها الرؤية - وفق ما أعلنه عرّاب الرؤية الأمير محمد بن سلمان - تأتي من تصميم الرؤية مع إطارها، ثم آلية الحوكمة، فبدء التنفيذ ابتداء من العام القادم - كما هو متوقع - وهذا ما يؤكد لنا سلامة التخطيط وفاعلية التأثير بالاعتماد على رؤية طموحة كهذه في تطور المملكة بعيدًا عن الاعتماد على النفط فقط.
* *
ولأول مرة سيكون المواطن متابعًا لخطوات هذه الرؤية؛ إذ سيتم إشراك المجتمع في متابعة أداء البرنامج من خلال نشر مؤشرات الأداء، وتقارير دورية معلنة للجميع.. وهو تعامل لم يألفه المواطن بمثل هذه الدقة والتفاصيل، ولم يُعطَ من قبل مثل هذا الاهتمام لمشاركته في التقويم والرأي، وإبداء مقترحات تصب في مصلحة المشروعات التي يوجَّه بتنفيذها لخدمته.
* *
في التفاصيل الكثيرة التي أُفصح عنها لاحظنا اهتمامًا نوعيًّا بالمواطن؛ فقط لاحظنا أن كل ما يمكن طرحه من استفسارات، أو كان مجالَ حديثٍ للمواطنين خلال الفترة الماضية، قد لبَّاه البيان، وكذلك كل ما كان أو سيكون موضع تساؤل من المواطنين تناوله بالتفاصيل المريحة بيان لجنة الاقتصاد والتنمية، وهي بادرة جيدة، تنم عن توجُّه نحو إشراك المواطنين في كل جزئية أو مرحلة من التخطيط فالتنفيذ في هذه الرؤية، وهي خطوة تعبِّر عن اهتمام بالمواطن، وتوجُّه نحوه بوصفه شريكًا في التفكير والتخطيط والتنفيذ.
* *
وما يمكن أن يقال عن الرؤية 2030 أكثر مما يمكن اختزاله في بضع كلمات، غير أن الحديث عنها سيظل متواصلاً بما يعبر عن أهميتها والاهتمام بها، وستكون الموضوع المفضل للحديث عنها عبر وسائل الإعلام؛ بحكم أهمية الرؤية، والتصميم على تطبيقها وتنفيذها بأفضل معايير الشفافية والجدية والرؤية المستقبلية للمملكة، بما سوف يزيل الخوف لدى المترددين في تأييدها، بعد أن لاحظنا أن شعورهم نحوها قد تغير، وبعد أن أصبحوا على يقين بأننا أمام تجربة غير عادية؛ ما جعل المترددين يتناقصون، وينضمون إلى المؤيدين مع كل معلومة جديدة تُعلَن، كما حدث عند آخر إعلان صدر عن مجلس الشؤون الاقتصادية؛ إذ لوحظ اهتمامٌ مؤيدٌ من شرائح كبيرة في المجتمع، كانت مترددة في تأييدها، بانتظار مثل هذا الإعلان.