خالد بن حمد المالك
لا حديث الآن إلا عن التحول الوطني، وعن رؤية المملكة 2030 داخلياً وخارجياً، وعلى كل المستويات، وبين شرائح كل المجتمع محلياً، وكثير من المؤسسات الخارجية المعنية برصد مثل هذه التحولات وأثرها على مستقبل المملكة، بعد أن تم الإعلان عن كل التفاصيل لهذه الخطط الطموحة، التي تمكن الجميع من قراءتها بوضوح، وتحليلها بحسب أرقامها وإحصائياتها وتوقعاتها، أي أن من يتحدث عنها الآن يتحدث عن معرفة وعلم، ويبني كلامه اعتماداً على واقع متاح أمامه، ويراه بعقله وعينيه.
* * *
هناك تفاؤل كبير، ونظرة مستقبلية واعدة، كما يقول متابعو هذا التحول، حيث إن المملكة بدأت من الآن ترسم خريطة هذا المستقبل، وتتحدث بصوت عال عن منجز كبير خطط له بعناية ودراسة وتقصٍّ في البحث من أجل غد أفضل، اعتماداً على الماضي والحاضر بكل ما أنجز فيهما، كمرتكز للبناء عليهما بما نريده مستقبلاً.
* * *
لقد مضت شهور بين الإعلان عن مشروع التحول الوطني، ومن ثم الإفصاح عن رؤية المملكة 2030 وما زال الحديث جاذباً ومشجعاً، يحيطه آمال وتمنيات بأن يتحقق ما تم الإفصاح عنه من نتائج تم التوصل لها، ضمن مراجعة حقيقية لواقعنا الحالي، وإعادة النظر في كل ما قد يكون سبباً في إعاقة تقدمنا، وفق تصورحقيقي يلامس الواقع، ولا يستثني أي فرصة يمكن أن يكون لها مفعول وتأثير في سلم أولويات هذه الرؤية.
* * *
ومن المؤكد وفقاً لهذا التصور الجميل الذي حمله لنا مشروع التحول الوطني، وأصغت له آذاننا بعقول واعية، أن نكون محقين حين ينتظر كل منا ما ستكون عليه المملكة من خلال الرؤية الوطنية، بشعور من يرى أننا أمام تحول حقيقي لا يستثني شيئاً مما هو قائم من المعالجة، ولا يغفل ما ينبغي أن يكون مصدر تطور مستقبلي للمملكة في مشروعات حيوية جديدة ينبغي أن يتم تنفيذها.
* * *
لدينا عقول بشرية كثيرة، وفي مختلف التخصصات، وعندنا من الخبرات البشرية التي اكتسبها مواطنونا من الجنسين ما يمكن استثمارها، ولدينا المال والإرادة القوية لتحقيق ما نتمناه لبلادنا، ويكفي أن نحيط الرؤية الطموحة بالتفاعل والتشجيع والدعم كل من موقعه، وأن نسارع في إعطاء آرائنا عن كل جزء فيها، وعن أي معلومة تصل إلينا عنها، نقداً موضوعياً نزيهاً وصادقاً، يساعد القيادة والأجهزة المنفذة على تحقيق أهدافها.
* * *
نعم لقد كتب الكثيرون عنها، بآراء متباينة، ومن زوايا مختلفة، وفي مجملها كانت آراء فيها الكثير مما سيكون عامل دعم لهذه الرؤية الطموحة، وبخاصة حين أتيح لكل من يريد أن يعبر عن رأيه، وأن يقول ما لديه بصراحة ووضوح دون وصاية أو حجب لوجهة نظر أراد أن يشارك بها في إعطاء رأيه، ضمن مساحة كبيرة في حرية الرأي، ومناخ يتسع لقبول كل الآراء والاستفادة منها.
* * *
وعلينا بوعينا وإدراكنا أن نعطي للرؤية وقتها الكافي، لإنجاز ما حملته من أفكار وطموحات، وألا نثبط عزيمة وعزم القائمين عليها بآراء فجة دون معرفة أو فهم أو استيعاب لمضامينها، فالتعامل -مع الرؤية- بالمفهوم الواقعي فرصة للتحول من حالة ضعف الأداء الذي تشكو منه قطاعات كثيرة من قطاعات الدولة، بسبب محدودية الناتج الذي تقدمه بعض هذه الأجهزة الحكومية، فالتغيير القادم إذاً، سينهي الخوف من التحديات القادمة، وسيقضي على الرتابة في أدائنا لأعمالنا، وسيصاحب الرؤية الشفافية والإخلاص والصدق والمساءلة، وهي ضمن مجموعة كبيرة من العناصر التي سوف تساعد على إنجاحها.
* * *
أقول مختصراً هذا الكلام: إن المملكة أمام تحول وطني كبير، وبانتظار رؤية واقعية تعالج أي قصور، ومن ثم السعي نحو تحقيق النجاح لأي مشروع من المشروعات المطروحة في رؤية 2030 مع إتاحتها للمراجعة والتدقيق الدائمين وصولاً إلى تفعيل دورها، وعدم الاستسلام لأي فشل أو تراخ في ممارسة مقومات نجاحها، وهو -بنظرنا- ما ينبغي أن يرسخ في أذهاننا الاقتناع بأننا أمام تجربة تاريخية كان ينبغي أن تكون المملكة قد مرت بها من قبل، لكن لا بأس أن تتحقق ولو بعد حين من هذا الانتظار الطويل.