د.ثريا العريض
هذه الأيام تتوالى سلسلة مكثفة من الاجتماعات المصيرية في منطقتنا الحميمة, والجوار الخليجي، ومواقع أبعد في العالم شرقاً وغرباً؛ كلها تبحث ما يرونه قادماً من مستقبلنا سياسياً واقتصادياً.
في الكويت تعقد مداولات الأطراف اليمنية للوصول إلى حل يتفقون عليه لإنهاء محنة اليمن. وفي جنيف ما زالت اجتماعات البحث عن إيقاف الفيضانات الدموية في سوريا. وفي العراق تتكشف خبايا ما يجري في الفلوجة عن تفاصيل موجعة تفضح تقصد التصدع الطائفي لتبقي إيران عدوًا يحاول أن يتحكم في مصير ليس فقط العراق وسوريا ولبنان, بل أيضا الخليج واليمن.. أي لتحكم قبضة فارسية على كل الجزيرة العربية شمالها وجنوبها.
والاقتصاد يملي على القرارات السياسية اتجاهاتها.
أتوقع أننا لمرحلة قادمة سنظل نرى مؤتمرات محلية وإقليمية ودولية مهمة, تتناول المستجدات في ساحة الأحداث العالمية السياسة الدولية, ومسؤولو دول كبرى مهمون يقومون بزيارات للتداول حول مرئيات وخطط المستقبل، وما يعنيه ذلك من وجهة القرارات بالنسبة للعلاقات الثنائية, والتحالفات اقتصادياً وسياسياً ودفاعياً.
بالنسبة لنا محلياً غالباً لا نحتاج من يعلمنا متطلبات سلامة الإبحار, ولكن المستجدات تحمل ما لسنا معتادين عليه.
أهل البحار يدركون معنى وجود قرصان يترصد السفن الآمنة.. ويدركون معنى خطر السباحة في لجة تعج بالقروش.
ما يخيف أكثر هو أن يوصل عدم فهم المعطيات الراهنة والتفاوت في الآراء الى مواقف عدم اتفاق بين ركاب السفينة والانقسام وعدم الالتزام بمتطلبات الأمن والسلامة. هنا الأنانية والخيانة تعني غرق الجميع.
وهي ليست سفينة واحدة بل مجموع من السفن نرجو أن نراها أسطولاً موحد الوجهة والقرار.
والحمد لله, في هذه الأنواء المحتدة المحملة بمؤشرات احتمالات تسونامي قادم، عقدت في جدة اجتماعات وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون لتوضح وجهتنا المستقبلية, وقررت تأسيس اللجنة الخليجية الاقتصادية التنموية العليا لدعم عملنا متحدين لمواجهة التحديات الخليجية المشتركة, والقضاء على أي تباين يمكن أن يخذلنا في تحقيق طموحات تجمعنا؛ والأولى أن نسعى لها معاً بتقنين مشترك.
توجه واع نرجو أن يستمر بجدية والتزام ويثمر بوضع التفاصيل التي تجعل الدول الأعضاء يعتمدون المزيد من اتفاق الرؤية والتنفيذ الجاد بروح الفريق.
سفن الخليج ترتب أمورها للوصول الى فاعلية الأسطول المنظم.
وفي ذات الوقت الذي ينصرف فيه المتابعون والمهتمون من خبرائنا المواطنين والأجانب إلى دراسة تفاصيل إطار حوكمة تحقيق رؤية 2030 التي اعتمدها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لمسيرة سفينتنا محلياً، مترقبين الاستراتيجيات والمبادرات التي ستقدمها الوزارات، ينصرف خبراء يركزون على الجوار كله خليجياً وعالمياً، حيث حركة سفننا تؤثر فيما يحدث لسرب السفن الأخرى وحركتها المنسقة معنا أو ضدنا.
بالتأكيد ليس كل من يتابعنا يفعل ذلك ليدعم أو يشجع.. هناك من يتابع ليفسد ويسهم لو قدر في تسريع الإغراق.