د.ثريا العريض
هل يتفق المواطنون حول أيّ قضية تتعلق بالوطن؟..
هذا يعتمد على فهم الفرد لمعنى انتمائه كمواطن، حيث يشمل شقين الحقوق والواجبات.. كثيرون يفضلون تجاهل الشق الثاني.
القضية التي أشعلت مؤخراً حوارات مجموعات الواتسآب, وحسابات تويتر ومقالات الصحف كانت إعلان مجلس النواب الأمريكي بالإجماع تمرير قرار يمنح عائلات الضحايا في تفجيرات 9-11-2001 في نيويورك حق مقاضاة المملكة العربية السعودية بتهمة المسؤولية عن العمل الإرهابي ذاك.
وهو عمل إرهابي فعلاً، وعدد الضحايا مهول ولكن المجرم ليس المملكة العربية السعودية، بل من خطط له ونفذه واستلم تعويضات التأمين على أبراج التجارة.
ليس هذا بيت القصيد وإنما ما لاحظته وأثلج قلبي من التفاف المواطنين حول الوطن وغضبهم لابتزازه ومحاولة ضربه في مقتل.
هنا تتفق كل الفئات في الوطن وتصطف خلفه لحماية أمنها المشترك. لا شيء يقوي اللحمة الوطنية كعدو مشترك يكشف عن أنيابه.
من تابع الحوار الذي دار بيني وبين أ. سلطان القحطاني في برنامج «حديث العمر» بروتانا خليجية قبل أقل من شهر, ربما يذكر سؤاله لي: أي مشاركة قمت بها في لقاء دولي تركت أكبر أثر في ذاكرتك؟.
فاستعدت معه تجربة مرت بي حين حضوري لملتقى دافوس الذي عقد في نيويورك في بداية 2002 تعاطفاً معها بعد أحداث تفجيرات برجي التجارة في 11سبتمبر 2001. خلاصة ما رويت أني اكتشفت وقتها محاولة متداعمة ومحكمة ومنفذة بهدوء عند كل التقاء لمجموعة حوار داخل الملتقى لنشر وترسيخ إشاعة مختلقة: إن رصداً لآراء السعوديين وضح أن 90 % منهم يوافقون على مرئيات بن لادن؛ زعيم القاعدة والآمر بالتفجير!! والغرض غير المعلن طبعاً هو تأصيل فكرة تجريم السعودية ووصم شعبها بالموافقة على مرئيات وخطط إرهابية شريرة.. تصديت للمحاولة وأمام حضور إعلامي دولي كثيف سألت أحد الذين عهد إليهم بتنفيذ نشر القصة ما هو مصدر الخبر عن رصد الآراء؟.. فلم يجد جوابا غير «سمعنا». وبخته علناً على الاستخفاف بعقول الحاضرين ونشر إشاعات كاذبة لتجريم السعوديين وتحميلهم وزر ما حدث لأن أي رصد للآراء لم يحدث!. وفشلت محاولة مقصودة داخل الملتقى إذ أكدت للوسائل الإعلامية وقتها أن رصداً للآراء لم يتم ولا سمعنا به. وربما نشر النفي المؤكد في كل صحف العالم الكبرى.
لم تتوقف محاولات تجريمنا وإلباسنا تهمة الإرهاب.. وفيتو البيت الأبيض لا يعني معاملة تفضيلية لنا، بل يعني إدراكهم أن رفع الحصانة عن الدول سيفتح باب الملايين لمطالبة أمريكا كدولة بتعويض من تضرروا من أفعالها على مدى الزمن.
في حضور خطر واضح المعالم يتربص بالجميع مثل الإرهاب أو التجريم به, نلتف حول الوطن.
خلاف ذلك تختلف الآراء والمفاهيم.. فالمصالح الفردية والفئوية داخل أيّ وطن تختلف تفاصيلها بين فئة وأخرى.. ورأي أي فئة من الفئات غالباً ما يفتقد الشمولية التي تمنحه تقبلاً من كل الفئات الأخرى.
فعلاً وسائل التواصل الإلكتروني والاجتماعي منحتنا فرصة ثمينة ومستجدة تتيح لكل من يستخدمها أن «يعبر» عن رأيه. المهم أن النتيجة هي توضيح حقيقة مفيدة في النهاية للجميع.
رأي المواطن مهم في ما يختص بالوطن ككل.. وكل وظيفة ووسيلة قابلة للتسخير الإيجابي أو التغرير السلبي. والتقصير أو التوظيف الشرير ليس في الوسيلة، بل في هدف من يسخرها لخدمة أهداف مضرة بالغير.