د.ثريا العريض
إضافة إلى دوره الرقابي في دراسة التقارير السنوية للجهات الرسمية في الدولة, ودوره التشريعي في اقتراح الأنظمة الرسمية أو تعديل تفاصيلها, يشارك مجلس الشورى في كثير من النشاطات المهمة الأخرى، منها النشاطات البرلمانية الدولية والزيارات المتبادلة لتوضيح موقف المملكة من القضايا الحيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية. كما يشارك في الفعاليات العربية والخليجية لإيجاد حلول للقضايا المشتركة.
وبصفة المملكة العربية السعودية عضوًا في مجلس التعاون الخليجي, ومجلس الشورى السعودي عضوًا في المجالس التشريعية الخليجية, رعى معالي رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ ملتقى ناجحًا، استضافت فيه المملكة خبراء من الدول الأعضاء, استجابة لمقترح اعتمد مسبقًا في اللقاء المشترك, هو برنامج «موضوع خليجي مشترك لمجالس الشورى والنواب والوطني والأمة»؛ إذ نظم المجلس يوم الخميس 12 مايو ملتقى «الإرهاب والتنظيمات الإرهابية: الخطر والمواجهة»، دُعي لحضوره نخبة من المسؤولين والمدعوين المهتمين بالشؤون الخليجية والإرهاب من الجنسين. وقد سبق أن استضافت دولة قطر نشاطًا مماثلاً في العام الماضي للدول الأعضاء في ملتقى «الاقتصاد الخليجي».
وليس غريبًا أن يختار الشورى «الإرهاب» موضوعًا للملتقى.
كثير من المتابعين السياسيين وعلماء الاجتماع وحتى عموم متابعي الأحداث يلاحظون تنامي ظاهرة العنف والدموية والتدمير عالميًّا، وفي منطقتنا العربية بالذات, ويتساءلون عن كنه الإرهاب والمنظمات الإرهابية، وبالأخص داعش. ومنهم من ينسب جرائمها لمسببات محلية، مقدمين ما يرونه براهين تثبت تحليلاتهم. وينتهون إلى أن الخلايا الإرهابية نتيجة طبيعية لتفريغ مجتمعنا من الترفيه الطبيعي والمغالاة في التشدد والغلو حتى تكفير الآخر, وقولبة العقول الطرية بضغوط متصاعدة على مدى أربعة عقود من الثمانينيات حتى العقد الثاني بعد الألفية. وهناك أيضًا من يرى قوى سياسية كبرى من المنطقة وخارجها المسبب لتنامي الإرهاب وتصدع المجتمع في شروخ داخلية، تنتهي بالدماء والدموع والصراعات وإشغال المجتمع بقضايا الأمن بدل قضايا التنمية والبناء. في الحقيقة، الأمر أبعد من هذه البساطة، وليس ممكنًا إيجاد جواب يجيب بوضوح عن كل تعقيدات الإرهاب ومنظماته وأفعالها الغرائبية, ولكن من الضروري إخضاع الأحداث للبحث العلمي لاستيضاح الحلول المصيرية.
بعد قضاء 8 ساعات حافلة بالأفكار والعروض والكلمات المكثفة بأقصى قدر ممكن خرجنا ونحن نتمنى لو استمر أيامًا وليس ساعات؛ لكي يتاح لكل هذا الثراء من المعرفة والتحليلات أن يستوعب بكل تفاصيله ويناقش ويعتمد.
كان نشاطًا معرفيًّا مثريًا, سيترك آثاره - بلا شك - فيما سيتخذ من الإجراءات والقرارات القادمة..
بين الساعة الثامنة صباحًا والرابعة عصرًا في ثلاث جلسات متتالية تناول الملتقى كل ما يمكن أن يتناوله حوار متخصص بين خبراء حول ظاهرة الإرهاب في منطقة الخليج, بدءًا بجذوره التاريخية السياسية في الماضي البعيد, ثم تحليل تفاصيله وفيضان العنف في خارطة الحاضر الراهن, وزوايا الغموض فيما يحيط بتطوراته ومستجداته, ومن يموله ويشجعه ويستقطب الشباب للتجنيد فيه وتقبل غير المعقول من أوامره ونواهيه, ثم استكناه المستقبل وحساب نمو ظواهره والدمار الذي تركته وتتركه, واحتمالات النجاح في محاولات القضاء عليه.
عروض جدية ومثرية ومتعمقة من المشاركين, ومداخلات تواكبها في جدية الطرح والتعمق وإثراء المعرفة.
ولولا ضيق الوقت المتاح للإفاضة والنقاش الكافي لاكتملت المتعة.
وسأواصل معكم لأشارككم ما دار في الملتقى في حوارنا القادم.