د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
إن ندرة الوظائف تحدٍ كبيرٌ أمام طموحات الشباب ومستقبلهم وتمتد إلى إعاقة النهوض التنموي برمته، فالبطالة مزمنة الحضور، وملاحقة فرص العمل كثيراً ما تسفر عن أحلام نائية كما أن الاعتماد على الأنظمة الحالية لاستجلاب الفرص الوظيفية لم يجنِ المواطن منها سوى الذاكرة التي امتطت التسويف، وربما كانت في بعض حلولها تسطيحاً للواقع؛ ومعالجة للنتائج دون الأسباب, ومع الآمال العريضة بما تسنه حكومتنا الرشيدة من قرارات لإحداث تحول كبير في خارطة الوصول إلى سوق العمل الوطني المعتدل من خلال دمج الوزارتين اللتين تعنيان بتنمية المواطن واستقراره «العمل والشئون الاجتماعية» وكذلك استحداث هيئة لتوليد الوظائف بأمر سام كريم إلا أن واقع التطبيق مؤلم حين تحيطه قرارات يرققها القوم في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ويلوحون بأنها داعم للتنمية وأن بها حدّاً من أوار الاستقدام بأعداد كبيرة في كافة المهن, وللأسف فتلك حجة حاولتُ تبريرها ولكن وطنيتي أبت ذلك فما زال الوافدون {مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} فيصيبون أهداف التوطين في مفاصلها بما لا يرجى برؤه ويدفع وجودهم بواقع السعودة إلى الانحسار فقد أشفق القوم في وزارة العمل على أسرة المقيم الذي يعمل في بلادنا ونشدوا لها الاستقرار فسلموه ومكنوه, فبدأوا بقطاع التعليم الذي لم تُخدش السعودة في عقر دارها مثلما خُدشت في منشآت القطاع الخاص التعليمية وقد تمنت منشآت القطاع الخاص الأخرى أن يكون لها {مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فاستجيب لهم واختط نظام للتوسع في تشغيل مرافقي المقيمين العاملين في منشآت القطاع الخاص الأخرى وفق ضوابط تحمي التوطين ومن أهمها (أنه لا يمكن شغل الوظيفة بالمواطنين؟!!) وهنا نتساءل ما هي الوظيفة التي لا يمكن شغلها بمئات الآلاف من العاطلين السعوديين؟!! ويمكن أن تشغلها على سبيل المثال زوجة مقيم قدمت مرافقة معه دون معايير استقطاب منصوص عليها, وعندما حطت رحالها وجدت أنها مطلوبة للعمل من مطبخها؟! وأين مخرجات الجامعات التي اعتلت منافسات التصنيف العالمي؟!! ثم نتساءل إن كانت فتنة القوم فيمن يأتي من بلاد الله الواسعة وغير الواسعة!!فأين مخرجات اثني عشر عاماً من برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي؟!.. وفي ذلك الشأن حكايات تروى؛ فالجامعات هنا تصنع معايير استقطاب لحملة الدكتوراه من المواطنين الذين درسوا في جامعات خارج الوطن صنفتها ادولة ولابد للفوز بالشواغر المشغولة بالمتعاقدين المقيمين أن يمر المتقدم بالمجالس العلمية ومن ثم مجالس الجامعات «ويعودون بخفي حنين» أما المتعاقدون من المقيمين فيمرقون دون ذلك كله؟!! وجواز عبورهم لجنة تعاقد ذهبت لبلادهم واصطفتهم من وراء حجاب؟!!.
فلابد من إستراتيجية عليا لحماية واقع التوطين من الاختراقات غير المبررة وإغلاق منافذ منافسة المقيمين وذويهم في كل أنماط الوظائف مهما علت أو صغرت ومما هو حري بالوقوف إعادة النظر في تصنيف الوظائف الحالية ومن ثم تطبيقها على الموجود البشري من المواطنين «ولن يبقى فقير في المدينة».