د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
أما المواطنون من فئة الأميين فيلزم انتهاج تنظيم يفكك الصعوبات الاجتماعية التي تحيط بتعليم تِلْك الفئة من ناحية الوقت (زمن تلقي المعرفة) الذي لا يتعدى الساعتين وربع الساعة في اليوم الواحد، بمعدل ثلاث حصص يومياً، مقابل كم هائل من المعلومات التي صنعت لمساحات أكبر من الأزمنة، وكان يجب اقتصارها على العمق المعرفي والتطبيقي للقراءة والكتابة، وعندما يتقن الدارسون هاتين المعرفتين يمكنهم الصعود إلى معارف أخرى ذاتياً. ولن أتوقف عند الحديث عن محتوى المعرفة المقدمة، فذلك صعب وطويل سلمه، وإن كنتُ أعلمه، ولكني تأسيساً على الأرقام سوف أكتفي بتلك الظلال المنداة التي أرى أن يرتادها الدارسون من الأميين لتكون بيئات ذات غطاء تنظيمي حافز ومحفز على المعرفة، والتعجيل في استقطاب الأميين والأميات لتلك البيئات لتكون بلادنا بلا أمية عما قريب، فلسنا من قلة في ذات اليد، ولا قفر من الإمكانات حتى تبقى الأمية من مفاخرنا؛ وقد كان تأسيس تعليم الكبار منذ ما يقارب أربعين عاماً، كما أنه يروج للأمية من خلال وحداتها التنظيمية في هيكل الجهاز المَركزي، وإدارات التعليم مع كل جديد وحديث في تلك التنظيمات. وأتعجب تربع مواقع إدارات وأقسام الأمية في مستويات إدارية مماثلة للوحدات التنظيمية للتعليم العام ومرحلة رياض الأطفال. وهذه المساواة لا يقبلها المنطق، وذلك لأسباب تتعلق بالنمو والتكلفة المادية والبشرية، كما أن عمر ذلك القطاع قضى فترات طويلة والقوى البشرية فيه تخضع للتفاوض والرغبة، بمعنى لا يوجد متخصصون ومتخصصات من المعلمين يحملون تأهيلاً أكاديمياً في تعليم الكبار، ومن المسلّم به أن التعليم لا يصمد إذا كان دعمه البشري خاضعاً للمفاوضات السنوية،، وتحملت وزارة التعليم من خلال الرغبة في توسيع دعم تلك الفئة برامج التعليم مدى الحياة، وهذا الشأن كان يجب ألا تنفرد به وزارة التعليم وحدها بل تشاركها قطاعات حكومية أخرى، ولذا فإنني من منبر الصحافة وحتى لا نبقى نهرول وراء الأمية في هذا القرن في الصحارى والجبال؛ ولأن التعليم الذي نصت عليه رؤية السعودية 2030 هو تعليم فوق التعليم، وتطوير للمعرفة فوق مفهوم التطوير، وحفز للإتمام فوق مصطلح الإتمام، وصناعة بلاد فوق هام السحب، فإن الأمية يجب وحتماً أن تكون معرفة عاجلة؛ وأن تختفي من قواميسنا ومن الهياكل التنظيمية التي تتفتق فيها محمولات صناعة أبناء المُستقبل، وأن نزف الدارسين في مواقالأمية باختلاف مسمياتها لمجتمعاتهم وهم يحملون المشاعل في هذا التوقيت لا سواه؛ ووفقاً للإستراتيجية الرائدة التي بنيت عليها ((أندية مدارس الحي)) فهي بِلا منافس المحطة الصحيحة لوصول الدارسين والدارسات في محو الأمية، بحيث تشرع تلك الأندية وفق إمكاناتها ومكوناتها في تبني إستراتيجية تعليم مختلفة لتلك الفئة يكون منطلقها الأساس الأنشطة المختلفة والزمن الممتد الكافي للمعرفة، والتقويم الشامل للمخرج التعليمي والنفسي والسلوكي، وإدارة الموقف التربوي المحفز لأولئك الدارسين والدارسات، كما تساعد تلك الأندية بغطائها التنظيمي المكون من أنشطة الحياة المختلفة الثقافية والاجتماعية والرياضية والصحية على بناء الشخصية السليمة، وتحقيق الذات المتزنة عند الدارسين والدارسات، وتكوين قابليتهم للانتساب للحياة العامة. والخيار الآخر، أن تطرح تكلفة الدارسين أمام القطاع الخاص ضمن منهجية التخصيص التي سوف تتحول لها بعض الخدمات في وزارة التعليم، ويشترط أن يكون القطاع الخاص قادرًا على إغلاق ملف الأمية في وقت قصير وقريب وفق منظومة تحفيز عالية.