م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني
حين تقبل على منطقة القصيم القابعة في قلب بلادنا الغالية تتراءى لك على البعد نخيلها الباسقات تتراقص عسبانها الخضر تحت لفح هواجر القيظ الحار.. بساتين خلف بساتين تلوح وتختفي خلف كثبان الرمال الذهبية شرق القصيم وغربها وفي تلافيف وديانها الخصبة.. وأثناء سهولها الفيح التي تزهو خضرة وتفيض خصبا ونماء..!!.
منذ ن وطئت أقدام الأمير الهمام الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود حين كان نائباً لأميرها الأمير فيصل بن بندر وهو في حركة دؤوبة في كل صقع من أصقاع هذه المنطقة، بل وفي كل زاوية وكثيب رمل وفي كل هجرة وقرية يتابع حاجاتها ويزور أهلها حتى صار وكأنه فرد منهم يعرفهم ويعرفونه.. ويبدأهم بمشاعر الراعي ويبادلونه.. وحين عين أميراً لهذه المنطقة.. احتفلت القصيم كلها.. وتراقصت عسبان النخيل فرحاً وغردت الطيور طرباً.. لأنها تعرف هذا الأمير وهمته وتعرف تواضعه وعلو مكانته.. أمير لا يهتم بصغائر الأمور.. لا تهمه الوسائل بل تهمه النتائج.. يشتعل حماساً لرؤية المواطن يعيش براحة وطمأنينة ورغد عيش.. حين يجتمع في مجلسه مسؤولو منطقة القصيم يعاملهم معاملة الأخ ويسمع منهم.. إذا نطق أنصت الجميع.. وإذا تكلم أتى بالدرر والحكم.. واختصر ملفاً شائكاً تتقاذفه مختلف الجهات ويضيع في دهاليز البيروقراطية بكلمتين.
لاشك أن الأمير الدكتور فيصل بن مشعل يشتعل حماساً وينظر برؤية بعيدة للخطط الإستراتيجية التي تتطلع لها المنطقة التي هي سلة لغذاء المملكة من التمور والخضار والحبوب وكل تطور وازدهار لها هو تطور للوطن بأكمله لأن كل مناطق المملكة تتبادل المنافع مع بعضها وخصوصاً في التبادل السلعي.
لقد حقق هذا الأمير بتوفيق من الله له حلماً طالما راود أهل القصيم وهم يقصدون بيت الله الحرام عبر طريق مفرد متعرج يغص بالشاحنات وتسرح فيه الإبل السائبة وحدثت بسبب ذلك حوادث مروعة أزهت الأرواح وأتلفت الممتلكات فعقد هذا الأمير العزم على متابعة تنفيذ طريق سريع ومباشر يربط شمال شرق المملكة والقصيم مع مكة المكرمة وما استراح حتى رأى المعدات وهي تبدأ بشق الطريق بداية من منطقة القصيم ويذهب في كل عام أكثر من مرة قاطعاً أكثر من 200كم ليتابع ويشاهد بنفسه الأعمال في هذا الطريق ويحل عوائقه.. وقريباً إن شاء الله سيرى قاصدو بيت الله الحرام مآذن مكة وهي تلوح لهم خلف جبلي إبان ورمال نفود (عريق الدسم).. وهذا ليس مستحيلاً بمتابعة وهمة وحماس أمير القصيم.
وللقصيم.. عدد من الأماني التي هي سهلة التحقق وليست أحلاماً في ظل المتابعة الدؤوبة من سمو الأمير الذي شكا لجنة في إمارة المنطقة من أهل الخبرة والاختصاص وهي (لجنة المشاريع المتعثرة)؛ وقد حلت كثيراً من العوائق بدعم من سمو الأمير ومتابعة منه والذي يوجه بالتنسيق مباشرة بين مديري الجهات المشتركة في عوائق المشاريع.. ومن هنا فإنني أطرح عدداً من الرؤى التي أثق باهتمام الجهات المسؤولة بها وباهتمام سمو أمير منطقة القصيم.
أولاً: في المجال الصحي
يزداد عدد سكان منطقة القصيم بشكل كبير حتى بلغ أكثر من مليون نسمة وبمعدل نمو سنوي أكثر من 3.5% وتنتشر مدن القصيم على مساحة متقاربة وخاصة مدن بريدة وعنيزة والبدائع والبكيرية وتبعد الرس نسبياً إلى جهة الغرب من القصيم، ويوجد مستشفى الملك فهد التخصصي ومستشفى بريدة المركزي ومستشفى خاص في بريدة ومستشفيات في كل محافظة وجميع هذه المرافق أقل من المطلوب بكثير بدليل أنها تزدحم إزدحاماً كبيراً وهي أقل من مستوى النمو والطلب ووضع مستشفيات متفرقة على الرغم من قرب المسافات بين المحافظات وتطويرها لمواكبة النمو وتشغيلها يبدو أمراً مكلفاً ويستهلك جهداً وطاقات بشرية وتخصصات، ولن يفي بالغرض المطلوب.. والذي أقترحه هو أن يتم إنشاء مدينة طبية كبيرة في وسط منطقة القصيم ويتم جمع التكاليف المتكررة والمواقع المتفرقة بموقع واحد لمدينة طبية تحوى مستشفى تخصصي كبير وعيادات تخصصية؛ وأقترح أن يكون الموقع بمنطقة نفود الغميس وهو المثلث الرملي الواقع بين مدن (بريدة، عنيزة، البكيرية، البدائع) وبالقرب من طريق عنيزة - المطار وطريق بريدة الدائري الجنوبي وطريق جادة الجماميل، ومن الممكن إضافة مستشفيات خاصة لهذه المدينة، حيث إن كثيراً من المستثمرين في المستشفيات تحول بينهم وبين استثماراتهم عوائق أهمها عدم توفر الأرض والموقع المناسب وبهذا الموقع تتوفر الأرض ويزداد الطلب نظراً لوقوعها بمدينة طبية مكتملة الخدمات.
ثانياً: في المجال الترفيهي والسياحي
تفتقر منطقة القصيم إلى (وجهة سياحية ترفيهية) مكتملة الخدمات وتقوم أمانة المنطقة بإنشاء عدد من المنتزهات بمدينة بريدة أهمها منتزه الملك عبدالله وتوجد عدد من الحدائق في مدن المنطقة وتفتقر المنطقة إلى الخدمات الفندقية المتميزة ويوجد عليها طلب كثير خصوصاً بعد أن ازداد النمو الاقتصادي للمنطقة وصارت مقصداً استثمارياً للعديد من الجهات العامة والخاصة وازدادت فرص عقد الندوات والمؤتمرات والمعارض وحلقات النقاش الخاصة.
والمنتزهات والحدائق العامة في بريدة ومدن المنطقة الأخرى توجد في مناطق داخل كتل عمرانية وبمساحات تحتاج إلى التوسع والتطوير ولا يمكن ذلك إلا بمنطقة بعيدة عن المدن ولهذا أقترح أن يتم تشكيل لجنه من إمارة المنطقة وأمانتها ووزارة البيئة والزراعة وهيئة السياحة والتراث الوطني وتقوم باختيار موقع مناسب وواسع.. وأرى أن يكون شرق مدينة بريدة وشمال مدينة عنيزة وبالقرب من طريق (الرياض - القصيم) السريع ليكون منتزهاً ومقصداً سياحياً لمنطقة القصيم وهو بهذا الموقع مجد اقتصادياً للمستثمرين في المنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم، حيث إنه قريب من طريق الرياض - القصيم السريع ويتميز هذا الموقع بطبوغرافية تجمع بين التلال والرمال والشعاب القابلة لنمو الأشجار.. وأرى أن يشمل المقصد السياحي محمية طبيعية تزرع فيها غابات من الأشجار الظليلة تتخللها جداول وبحيرات مائية ومسطحات خضراء طبيعية تكون في مجامع مياه الأمطار، ومدية ترفيهية تشمل فنادق ومطاعم بالقرب من الطريق السريع لتكون ذات جدوى اقتصادية.
ثالثاً: في مجال التخطيط والنقل
شهدت مدن المنطقة الكبرى وخاصة بريدة وعنيزة والرس نمواً سكانياً كبيراً وتطوراً اقتصادياً مذهلاً في السنوات الأخيرة مما جعل البنية التحتية من شبكات الطرق وخاصة في مدينة بريدة تشهد زحاماً كبيراً في ساعات الذروة ويشهد طريق (القصيم - الرياض) زحاماً هائلاً في إجازة نهاية الأسبوع، ولهذا أقترح لتخفيف الازدحام على هذا الطريق بمنطقة القصيم تنفيذ تفريعة من الطريق بالقرب من (طلعة الغاط) تتجه شمالاً غربياً حتى تصل شمال مدينة بريدة لترتبط مع طريق (القصيم - حائل) وبهذا تقل خطورة طلعة الغاط ويقل الازدحام على الطريق وتختصر المسافة لقاصدي مدينة بريدة التي يبعد عنها الطريق جنوباً وهي تنمو وتتمدد شمالاً, وتختصر المسافة لقاصدي حائل والجوف وخصوصاً الشاحنات التي يزدحم بها الطريق ودائري بريدة.
أما الازدحام داخل المدن فيجب المبادرة بحل استباقي قبل تفاقم الازدحام وصعوبة حله ويمكن أن يكون ذلك من خلال شبكة نقل بالحافلات بين مدن المنطقة الكبرى وتقوم وزارة النقل حالياً بدراسة مشروع للنقل العام يجمع بين مدينتي بريدة وعنيزة كمنطقة نمو حضري واحدة وهو يحتاج إلى الدعم والمساندة من الجهات المسؤولة كوزارة النقل وهيئة النقل العام وإمارة المنطقة ليرى النور.
وفي مجال النقل الجوي فإن مطار الأمير نايف بن عبدالعزيز شهد نمواً هائلاً وازداد عدد الرحلات الدولية منه بشكل مذهل وأصبح يحتل المرتبة الأولى بين المطارات الداخلية وينطلق من أكثر من 25 رحلة دولية أسبوعياً ولم تستوعب مرافقه هذه الزيادة الكبيرة وخاصة المواقف وصالة الاستقبال وبدا العمل في المطار الجديد وهذا شيء رائع ولكن من الصعوبة أن يستمر الوضع في صالة الاستقبال الصغيرة والتي يتراكم فيها العفش وتعطي انطباعاً سيئاً لزائر القصيم القادم من الخارج ويجب توسعتها حتى ولو كان تنفيذ المطار الجديد سيستغرق ثلاث سنوات وهي غير ممكنة وكذلك المواقف التي تقف فيها السيارات على الأرصفة وفي مواقف خاطئة بسبب الازدحام الهائل ويمكن بدخل سنة واحدة لرسوم المواقف تطويرها بشكل مؤقت.. ومن حسن الحظ انتهاء بناء محطة القطار شرق مدينة بريدة ولكن لابد من ربطها بسكة حديد فرعية عبر طريق الملك فهد ببريدة للوصول إلى المطار ومدن القصيم الأخرى وخاصة الرس البعيدة نسبياً عن المطار.
مياه التحلية
النمو السكاني والعمراني لمنطقة القصيم لابد أن يتواكب مع توفير أهم عنصر من عناصر العيش وهو الماء ويصل إلى المنطقة أنبوب من مياه التحلية القادم من الساحل الشرقي ليصب في خزانات جنوب مدينة بريدة بطاقة 10.000 متر مكعب يومياً وهي لا تغطي ولا 1% من حاجة المدينة ومن هنا فإنني أنادي المسؤولين بوزارة المياه وشركة المياه الوطنية بزيادة حصة القصيم من مياه التحلية وإيصالها إلى مدن غرب القصيم التي تقع على الدرع العربي وتجلب لها المياه من مسافات بعيدة ومن متكونات المياه على الحافة الغربية للدرع العربي وهي مهددة بالنضوب إضافة إلى التكلفة العالية لتنقيتها ونقلها إلى مدن القصيم الغربية وخاصة الرس التي نمت نمواً كبيراً وصارت المدينة الأكبر في نجد على الدرع العربي.
الصحيفة المحلية
كانت تصدر في القصيم صحية محلية قبل نصف قرن باسم (جريدة القصيم) والقصيم بحاجة إلى صوت إعلامي يبرز نهضتها ومعالمها وأسواقها وفرصها الاستثمارية وتراثها وثقافتها، ولا غنى عن الصحيفة الورقية فهي الأساس للصحيفة الإلكترونية.
جائزة الأمير فيصل بن مشعل للشفافية والأداء المتميز
يتميز الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بالشفافية والصراحة، بل ويحرص عليها ويحرص على تجاوز البيروقراطية ويحرص على عدم ترهل الجهاز الحكومي ويحثه على التجديد والإبداع ومثل ذلك بحاجة إلى التحفيز واقترح استحداث جائزة سنوية باسم (جائزة الأمير فيصل بن مشعل للشفافية والتميز) ويتم وضع إدارة لها ونظام دقيق يشمل الفحص والاختيار بناء على معايير عادلة وشفافة ويتم منحها سنوياً بحفل يرعاه سموه وتمنح لمدير الدائرة المتميز في عمله للتشجيع على التميز في العمل وكذلك للموظف الحكومي الشفاف والمتميز والمبدع وذلك تشجيعاً للأداء المتميز والمبدع والذي يحرص عليه سموه الكريم.
والله الموفق.