م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - اليوم تتنافس دول العالم ومدنه مهما بعدت عن بعضها أو قربت من أجل الحصول على الاستثمارات واستقطاب المستثمرين.. وجذب السائحين واستضافة المناسبات الرياضية والفنية والثقافية والفكرية.. والمشاركة في الفعاليات العالمية وإقامة الاحتفالات الترفيهية ورعاية مهرجانات التسوق ودعوة المشاهير والمبتكرين والمبدعين والباحثين.. كما تجتهد في أن تسترعي اهتمام وسائل الإعلام العالمية.. وتسعى إلى أن ترتبط بعلاقات تعاونية مع الهيئات والمنظمات الدولية.
2 - يقول مختصو الهوية وبناء الصورة: مثلما يتم تكوين انطباع عام عن الأشخاص فإنه يتم أيضاً تكوين انطباع عام عن المنتجات والشركات والمدن والدول والمجتمعات.. وبقدر ما تكون انطباعاتك عن بعض الأشخاص خاطئة أحياناً فكذلك الحال بالنسبة للانطباعات العامة عن المدن والدول والشعوب.. فلم تعد باريس عاصمة النور، بل نيويورك.. ولم تعد سويسرا عاصمة الساعات، بل اليابان.. ولم تعد البرازيل عاصمة كرة القدم بل إسبانيا.. ولم تعد ألمانيا عاصمة الصناعات، بل الصين.. ولم يعد الغرب مصدر علماء التقنية، بل الهند.. ولم تعد هونج كونج نقطة إعادة التصدير لدول العالم، بل دبي.. فالعالم يتحرك حتى لو بقي الانطباع العام مكانه.
3 - لهذا فما زالت تلك المدن والدول هي الأكثر جاذبية للاستثمارات والسائحين والمناسبات والمشاهير.. لأنها هي التي تمتلك السمعة والشهرة السابقة.. وهذا جعل الدول الأخرى لا تحصل على ما تستحقه من الاهتمام والاستثمار.. رغم تقدمها وتفوقها بمسافات أمام الكثير من المدن التي فازت بالانطباع الأول.
4 - لذلك من أوجب واجبات الدول التي تريد المنافسة أن تحدد ميزاتها التنافسية.. وتحدد صورتها الذهنية التي تريد أن تبنيها لتؤثر إيجاباً على السمعة والصورة.. وهي الوسيلة الأهم لإدارة الهوية المؤسسية والعلامة التجارية للدولة أو للمدينة.. فالدول أو المدن التي تمتلك ميزات تنافسية مهمة كالآثار في مصر.. أو اعتدال الطقس في لبنان.. أو الترفيه العائلي في دبي.. أو الحرمين الشريفين في المملكة مطالبة بأن تُسَوِّق تلك الميزة التنافسية وتقدمها للمجتمعات الأخرى كمادة جذب للناس والاستثمارات.