م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. من مبادئ المعرفة العامة في الإدارة أن الإنسان بدأ في التنفيذ ثم تطور وأصبح يخطط للتنفيذ.. أي أن الإنسان البدائي كان يعمل دون تخطيط لذلك كانت الكلفة الجسدية مرهقة له والكُلفة المادية عالية عليه ومقابل ذلك كانت النتائج هزيلة لا تتناسب مع الجهد الذي بُذل والمال الذي أُنفق.. وأن الإنسان حينما تطور وعرف كيف يفكر أخذ يخطط قبل أن يبدأ في تنفيذ العمل.. فقلل بذلك من الجهد البدني والإنفاق المالي ورفع من مستوى النتائج.
2. واليوم هناك نظرية ترتفع فيها أصوات وتُؤلف عنها كتب وهي نظرية «موت التخطيط الاستراتيجي» لأسباب عديدة منها أنها عملية بيروقراطية بطيئة.. إضافة إلى أن المنفذين المفترض بهم تنفيذ الخطة الموضوعة هم في واقع الأمر لا يطبقون ما ورد في الخطة بل ينفذونها بناءً على خبراتهم وانطلاقاً مما يواجهونه على أرض الواقع.. هذا علاوة على أننا في زمن «سوبر السرعة» حيث تولد فيه الأفكار والمنتجات اليوم وتموت غداً.. وأننا اليوم لا نملك رفاهية انتظار التخطيط بل يجب أن نخطط ونحن نعمل.. فنعدِّل ونوجِّه ونحسِّن ونطوّر ونسرّع ونبطئ في خطواتنا كل ذلك دون أن نتوقف عن العمل.
3. حسناً.. ما العمل إذا؟.. قال الخبراء: لا بد من قلب المعادلة فيصبح التنفيذ استراتيجية بحد ذاته.. فأنت لا تخطط طريقك إلى المجد بل تخطوها (أي تنفذها).. ثم يزيدون أن هذا الزمن لم يعد زمن التخطيط الذي تمارسه عقول منفتحة في مكاتب مغلقة.. بل الزمن الذي يقوم على كفاءة الأداء في التنفيذ حيث تتحقق ميزات التكامل والمرونة والسرعة والمصداقية فإن لم تتحقق فلن ينفعك التخطيط.. ثم يزيدون: في هذا الزمن لم تعد الخطط تأتي من النخب العليا إلى فريق التنفيذ.. لم تعد تُسَلَّم من رئيس لمرؤوس.. بل أصبحت الأهداف مِلْكاً لمن ينفذها.. فهو الذي يصنع القرار ويرفعها من أسفل السلم إلى أعلى السلم ليتخذ القرار.
4. كما يقولون: إن وجود بيئة عمل خلاقة وثقافة مؤسسية عالية أهم من وجود الخطة.. بل إن الصحيح هو أن التنفيذيين هم خير من يرسم الخطة وهم يعملون.. وبقدر ما يلتزمون بالنظام في العمل ويشعلون فتيل الإبداع فيما بينهم.