خالد بن حمد المالك
لم يكن يوماً عادياً، ولا مرَّ كما تمرُّ بنا كثير من أيامنا، فقد فاض فيه من الرؤى بما أسعدنا وبما كنَّا نتمناه، وبشَّر بما ظل يدغدغ مشاعر كل منّا، وأشرقت به ومعه ومضات نور على الطريق الطويل، وتحول الكلام إلى واقع، وإلى خريطة واضحة بالرؤية التي تلبي مستقبل الوطن، وضمانة الحياة الحرة الكريمة للمواطنين.
***
تحدث محمد بن سلمان نجم ذلك اليوم - وكما هو دائماً - بحيوية الشباب، بطموحهم، بالنشاط والحيوية والحركة التي جددت آمالهم بمستقبل أفضل، وبيَّن لهم ما سيحول بهذه الرؤية دون تمدد اليأس والخوف وعدم الثقة بأنفسهم، حين خاطبهم ولي ولي العهد بما يرضيهم ويسعدهم، ويعوضهم عن سنوات مضت وانقضت، دون أن تحمل لهم إلا بعض الرضا، وقد وعدهم سموه بإحصائياته وأرقامه ورؤاه بأن الوطن سيكون على موعد أجمل وأفضل.
***
كان الشاب الذي يتدفق حيوية ونشاطاً، واضحاً وشفافاً وصريحاً، وصاحب موقف جسوري لم يعتد عليه المواطن، تحدث بحضور ذهني ممتاز عن الفساد، وعن هدر المال، وعن السنوات العجاف، وعن إيرادات الدولة التي كان لا يستفيد منها إلا الأثرياء، وعن عدم رضاه على الإنفاق بهدر المال على مؤسسات الدولة، متسائلاً بألم وحسرة، وبادئاً بما هو مسؤول عنه: كيف للمملكة أن تكون ثالث دولة بالعالم في الإنفاق على السلاح، ويجيء ترتيبها بين دول العالم كقوة عسكرية متأخراً، فيما تظهر قواعدنا الجوية برخام وجدران مزخرفة وتشطيب في مبانيها بمستوى خمس نجوم، فأينها من القواعد الجوية الأمريكية عند المقارنة، وهي التي لا تهتم بهذه الشكليات.
***
يكتب لنا محمد بن سلمان، يحدثنا، ويقرب المسافة بيننا وبينه بلغة جميلة وواقعية تعتمد على الحقائق، على الأرقام، وعلى الإحصائيات بما هو قائم وبما يجب أن تكون المملكة عليه في المستقبل، فيثير في المواطنين الحماس، ويزرع فيهم الثقة، فالرؤية التي باركها ودشنها الملك سلمان، تحمل الكثير من المضامين، وبكل التفاصيل التي كان مثلها غائباً أو مغيباً عن المواطنين، وإن وجد فهو بلا تخطيط أو متابعة، فيما تجد كل هذا حاضراً الآن على لسان الأمير الشاب في العناوين، فضلاً عن التفاصيل، فيما أطلق عليه رؤية المملكة 2030 بشكل لا يمكن للمواطن إلا أن يتفاعل مع هذه الرؤية ويؤيدها ويبارك خطوات إنجازها.
***
تذكروا أن محمد بن سلمان قال لكم: طموحنا سيبتلع مشاكل الإسكان، وأن أرامكو جزء من مفاتيح الرؤية، والرؤية هي خارطة أهدافها لـ15 سنة قادمة، وأننا نستطيع العيش دون نفط عام 2020م، قال أيضاً: تقديس أرامكو عند البعض مشكلة كبيرة، ولكن طرحها سيجعلها شفافة وتحت رقابة الجميع، وقال - ما معناه- إن الأمراء والوزراء والأثرياء لن يستأثروا بعد اليوم على الجزء الأكبر من الخدمات التي تقدمها الدولة دون أن يدفعوا ثمنها، وأن ذوي الدخل المحدود ستكون لهم معاملة خاصة في ذلك، وأضاف: إن الخصخصة جزء مهم في مكافحة الفساد، والإجراءات البيروقراطية الطويلة ستُخفَّف، بما في ذلك الترحيب بالكفاءات من كل مكان لتشاركنا البناء والنجاح.
***
الأمير محمد بن سلمان يذهب إلى أكثر من ذلك، ويتحدث بتفاؤل كبير، وثقة محسوبة، وتطلعات واثقة، وأمل لا ينتهي، فيقول إن طموحنا ليس في تعويض نقص المداخيل، أو المحافظة على المكتسبات، بل في بناء وطن أكثر ازدهاراً، وطناً يجد فيه المواطن ما يتمنى، أي أنه من خلال رؤية المملكة 2030 يريدها سموه دولة قوية ومزدهرة وتتسع للجميع، ودستورها الإسلام، ومنهجها الوسطية، وتتقبل الآخر، فهي - كما يقول - العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية الرائدة، ومحور ربط القارات الثلاث.
***
كثيرٌ مما تحدث به الأمير الشاب عن الرؤية الطموحة، يستحق التعليق والتوقف والقراءة المتأملة، غير أننا نترك ذلك للتطبيق، لبشائر الخير القادم، فعهد سلمان بن عبد العزيز عهد عمل وجد وازدهار، ومسؤولية كل مواطن أن يكون في الصفوف الأولى داعماً ومسانداً لهذا التوجه غير المسبوق في إدارة الدولة، كل في موقعه وتخصصه، فالتحديات كثيرة وكبيرة، وهزيمتها والتغلب عليها إنما يتم بالتعاون والإخلاص والشعور بالمسؤولية بين الجميع، فنحن أمام تحول وطني، ونحن أمام رؤية للمملكة، ونحن في عهد يبني لمملكة المستقبل، ويؤسس لدولة تملك القوة، وتحضِّر للمستقبل بأفضل الإنجازات.