ناهد باشطح
فاصلة :
((يتعزى المرء غالبا لكونه تعيسا ببعض السرور الذي يجده في الظهور هكذا))
- لاروشفوكو -
التعلّق بأي شيء مهما كانت أهميته في حياتنا يربك علاقتنا به ويجعلها تدور في فلك التوتر الذي يشوه ربما أجمل ما فيها، ولذلك أجمل العلاقات ما استطعنا أن نتحلل فيها من الارتباط الإدماني الذي يدمرنا قبل أن يمر الآخرين.
التعلق يتضح في العلاقات الإنسانية ولعلني اليوم أركز على تعلّق الزوجة بزوجها أو أطفالها بحيث تتحول العلاقة إلى نوع من الوصاية تمارسها المرأة دون أن تشعر وهذا في النهاية ينعكس على استقرارها النفسي، فالزوج والأبناء لهم عالمهم الخاص، والرجل تحديدا ينفر من المرأة التي تنشغل به ويشعر بالاختناق، وكذلك الأطفال يكبرون ويخنقهم التركيز على تصرفاتهم والانتقاد المستمر.
في العلاقات الإنسانية مساحات الحرية واحترام الخصوصية مطلوبة، والتعلّق لا يسمح بذلك والمتضرر جميع الأطراف في العلاقة، والأكثر ضررا هي الزوجة والأم.
ذلك أن المرأة بحسب تكوينها النفسي وبرمجة المجتمعات التقليدية لها تستغرق في رعاية الزوج والأبناء ثم تصل إلى مرحلة من عمرها تلتفت إلى ما مضى من شبابها بعد أن ينشغل الزوج ببناء مستقبل الأسرة ويكبر الأطفال ويصلون إلى مرحلة الاستقلالية لتجد أنها لم تفعل شيئا لذاتها.
الذين يقولون إن هذا هو دور المرأة الحقيقي لا يشعرون بالألم النفسي الذي تعانيه النساء في مرحلة من أعمارهن حين لا يجدن أنهن حققن شيئا لذواتهن.
وتبدأ المرأة حينها بما يشبه التمرّد على وضعها الاجتماعي وقد تحدث مشكلات عدة.
برأيي أن التوازن ما بين الأنا والآخر مطلوب لصحة المرأة النفسية وقد منحها الله طاقة الأنوثة الجبارة التي من خلالها تستطيع ممارسة تعدد الأدوار بفعالية.
وهناك الكثير من النساء اللواتي استطعن أن يعتنين بذواتهن ولا يهملنها ونجحن في العناية بالأسرة.
بل إن تقدير المرأة لذاتها وعنايتها بنفسها على كافة المستويات يمنحها القوة والقدرة على إعطاء الأسرة العطاء الصحيح الخالي من التوتر والقلق والإحساس بالتقصير أو بالتضحية وكلاهما مشاعر سلبية.
مشكلتنا أن المرأة نفسها حبست عالمها في مصطلحات كالمثالية والتي هي وهم تعيشه بعض النساء، فالحياة تحديات وعمل ولا مكان لمثالية نصنعها ونسقطها على من حولنا ثم نتباكى على انهيار آمالنا في الآخرين.
لا تنتظروا من المرأة المنهكة عطاء سليما، فالإنسان المنهك لا يستطيع أن يفيض إلا بالتعب.