ناهد باشطح
فاصلة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
- سورة الحديد آية 28 -
يعتقد البعض أن التسامح ونسيان الضرر والدفع بالتي هي أحسن أمر سهل التعاطي معه.
الذين يؤمنون بالسلام والتسامح يدركون إلى أي مدى يكون التسامح أمراً يحتاج إلى كثير من المهارات حتى يتم.
بدءاً لماذا لا نستطيع أن نسامح من أضرّ بنا وظلمنا، بسهولة ودون معاناة.
هناك عدد من العوامل التي تجعل التسامح ليس بالأمر الهيّن مثل النتائج المترتبة على الظلم وحجم تأثيره في حياتنا، كما أن تكرار المعتدي علينا ضرره واستمراره فيه يصعب علينا أن نسامح.
كذلك مكابرة المسيء إلينا وعدم اعترافه بإساءته وعدم اعتذاره يصعب أمر الغفران.
كذلك مكابرتنا نحن عن الاعتراف بألمنا وإنكارنا لحزننا يجعل المشاعر تكبت وتنفجر لاحقاً ولا يتحقق الغفران.
كما أن قرب المسيء من حياتنا وعلاقته بنا يصعب التسامح بسبب الاحتكاك الدائم وتذكر المواقف السلبية.
هناك نقطة خطيرة أيضاً تصعب التسامح وهو أننا لا نرى أثراً لعقاب الله فيمن ظلمنا بل ويحزننا أحياناً أننا نشقى بآثار ظلمه بينما يس عد في حياته!!
إحساس الظلم مرّ ولا يمكن لإنسان أن يشعر بمرارته ما لم يجرب كيف أن غصة الحلق تقف دون أن تتحول إلى دموع.
ولأن التسامح والغفران ليس أمراً سهلاً ويحتاج إلى مقدرة غير طبيعية فإنه لا يمكن أن يتحقق إلا إن استمديناها من قوة كبرى، وهذا ما أودعه الله في النفس البشرية من نوره الذي إن بحث عنه الإنسان وجده في أعماقه.
المظلوم متعب بحاجة إلى وقود حقيقي ليستطيع العيش في سلام ولن يزوده بذلك إلا اقترابه من الله وهذا بحد ذاته تجلي للحكمة الإلهية من تعرضنا إلى الظلم والإساءة، فالله لا يقبل الضرر بأحد من خلقه لكن هناك حكمة خلف الظلم والإساءة يدركها الإنسان المتصل بنور الله.
ولذلك نرى الذين يخرجون من أزمات كبرى في حياتهم ينير قلوبهم سلام داخلي وولادة جديدة إلى حياة مختلفة. فقط لأنهم وجدوا نور الله واختاروا التسامح والغفران.