ناهد باشطح
فاصلة:
(الحياة تشبه الحكاية المهم ليس طولها بل قيمتها)
- حكمة لاتينية -
متى تعرّف كل منا إلى الموت وكيف فهمه كحقيقة؟
من المؤسف أن الموت زُرع فينا كحالة خوف تجسدت في عقاب الله
والتخويف من سخطه ولوم النفس على متع الحياة بالتشكيك في الوقوع في المحرمات.
لم يحدثنا أحد عن الموت كحقيقة لقاء مع إله خلقنا ونفخ فينا من روحه واستخلفنا على الأرض ثم سنعود فنلتقيه في حياة أبدية.
المفكر عبد الرحمن البليهي له مقولة عميقة تصور إلى أي مدى تحول الموت من حقيقة إلى أداة تخويف إذ يقول « تم برمجة الناس في هذا المجتمع بالتنشئة والتعليم والإعلام والمنابر ،وفي كل وسائل التأثير على ثقافة جنائزية لا تتحدث إلا عن الكفر والحرام.
ثقافة معادية للحياة وتحتقر الإنسان وتمعن في التخويف من المرأة.
ولن يعود المجتمع لرشده إلا إذا تم نقض البرمجة الحالية
وأعيدت برمجته بثقافة الحياة بدلا من ثقافة الموت»
الذين عايشوا مرحلة الصحوة يدركون أنها كانت مرحلة قمع للحياة وتكوين لثقافة سوداء تحذر من كل متع الحياة وتؤجلها إلى الحياة الأخرى....كتاب الكبائر وخطب المنابر ومحاضرات المدارس وكل ما حولنا خلق برمجة قاتمة لم يستطع هذا الجيل من الشباب التآلف معها ،ولذلك بات من المهم الدفع باتجاه تفكيك هذه البرمجة ونشر سلبياتها لتتغير القناعات السلبية إلى إيجابية.
ولعل الانفتاح المعلوماتي ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدت على أن ترسل الرسائل الإعلامية الضمنية للشباب ولنا كجيل عاصر بدايات ترسيخ ثقافة الموت بعدم جدوى الاستسلام إلى التركيز على الموت ونسيان الحياة الدنيا التي خلقنا الله فيها للعمل والاستمتاع وليس للحرمان والقمع والتركيز على التقريع النفسي.
ثقافة الموت ليست في ديننا بل في ثقافات سابقة على سبيل المثال قدماء الملاحدة من الأبيقوريين يرددون (نأكل ونشرب لأننا غدا نموت)، لكن الإسلام نادى بالتوازن واحترام متع الإنسان وإشباعها.
ليس من المهم الآن أن نعرف من تفاصيل الماضي الذي تم ترسيخه في ثقافتنا إلا باستثمار الأدوات التي تم بها تغييب العقل عن التفكير بإيجابية في المستقبل بدلا من الزهد فيه والتي ولدت مشاعر كراهية الآخر وعدم قبوله والارتباك في العيش بسلام مع متع الحياة الدنيا التي سخرها الله لنا ، فهي ذاتها الأدوات التي تستطيع أن تؤسس ثقافة الحياة التي تنشر المحبة والسلام.