إبراهيم عبدالله العمار
نكمل قصة المستكشف نيكولاس كلاب الذي سافر لجنوب الجزيرة العربية وتحديداً إلى قرية شصر في عمان في طرف الربع الخالي بحثاً عن إرم مدينة عاد المفقودة، ورأينا الأسبوع الماضي اكتشافهم لكأس بنفسجية في عين حمران وهي قرية صغيرة ساحلية في عمان يرون أن قوم عاد بنوها، وهذه الكأس ظهر أنها تتبع قوماً من النصارى سكنوا هناك، وكان هذا اكتشافاً كبيراً ومدهشاً، فلم يكن معروفاً أن هناك أي نصارى سكنوا تلك المناطق من قبل، ويبدو أنهم أبحروا إلى عُمان وسكنوا في مساكن قوم عاد في الماضي البعيد، ولم توجد آثار نصرانية غير هذه الكأس البنفسجية. توقفنا الأسبوع الماضي عند اكتشافهم لبوابة أثارت انتباههم، وهذه التي سنرى قصتها اليوم.
ما هذه البوابة؟ ولماذا تميّزت عن غيرها؟ لندع المستكشف نيكولاس يصف لنا الوضع، فيقول: «اكتشفنا البوابة الرئيسية للموقع، ورأينا أنها كان لها أبواب تتمحور حول نفسها، أبواب داخلية وخارجية وبينهما غرفة. أثار هذا اهتمامنا لأنه شيء لم نجده في إرم، و كذلك لأنها بوابة أساسية، يبدو أنها دمرت لما غرقت المنطقة في الرمال».
بينما تصميم تلك المساكن ماثلٌ في أذهان المستكشفين أتت الصدفة بلا إنذار، فوجدوا بوابة مشابهة في شصر (وهي التي يظنون أنها إرم مدينة عاد). كانت في الجدار الغربي بين البرج الخامس وبين الحصن، وكانت القلعة التي في شصر تحوي أبراجاً وكذلك حصناً. هذه البوابة الكبيرة التي وجدوها في شصر أو إرم لم يبق منها إلا عارضاتها الخارجية، أما البقية فانهارت في الحفرة، وهي كما رأينا في الحلقات السابقة حفرة تحوي آثاراً قديمة امتلأت شيئاً فشيئاً على مر الزمن بعد هلاك قوم عاد وحَوَت بعض آثار مساكنهم. نقب العلماء في الأسفل وغاصوا أكثر ووجدوا قطعاً صخرية مقطوعة لها نفس مواصفات الباب.
والآن نصل لنقطة شيقة، نهاية قوم عاد حسب ما رأى العلماء الغربيين هؤلاء الذين ينقبون في شصر أو إرم ذات العماد. أخذ عالم الآثار يدرس تلك الحفرة وقال شيئاً مشوقاً: اعتماداً على علم وصف طبقات الأرض، وبعد فحص رمال الحفرة، أثبت عالم الآثار المرافق لهم بدون شك أن الذي دفع إرم أن تُهجر هو حدثٌ واحد عنيف. غير ذلك فالرمال التي أسفل البوابة الساقطة حوت أدلة على أناس سكنوا هنا فترة طويلة. رغبوا أن يدرسوا المزيد من الآثار المشوقة التي تحويها الحفرة لكن للأسف لم يمكن الاستمرار في الحفر لأنه كان سيسبب اضطرابا في الحفرة ويسبب انهياراً، لهذا فإن جزءاً كبيراً من الحصن الأثري هناك والذي سقطت أجزاؤه في تلك الحفرة سيظل مدفوناً.
الحلقة القادمة سنرى آخر موسم تنقيب للعلماء في شصر وما وجدوا في شصر أو إرَم، تلك المدينة المدهشة.