إبراهيم عبدالله العمار
نكمل قصة المستكشف نيكولاس كلاب الذي سافر لجنوب الجزيرة العربية، وتحديدًا إلى قرية شصر في عُمان في طرف الربع الخالي بحثًا عن إرم، مدينة عاد المفقودة. ورأينا الأسبوع الماضي اكتشافهم قرية عين حمران، التي تقع على البحر، وهي مدينة أخرى لقوم عاد غير التي في شصر. مدينة في البر ومدينة في البحر. توقع المستكشفون أن كلتَيْهما استُخدمت في إرسال قوافل البخور التي تاجر بها قوم عاد؛ فتارة يرسلونها بالبر اتقاء شر القراصنة والعواصف، وتارة عبر البحر تجنبًا لقطّاع الطريق والضرائب، لكن لم يجدوا هياكل عظمية في شصر، واستغربوا هذا، وكانت النظرية أن الموتى دُفنوا في الجبال المجاورة في ظفار، بينما كان سكنهم في شصر موسميًّا وغير مستمر. وقفنا الأسبوع الماضي عند نفاد أموالهم، وتكفلت الحكومة العمانية بتكاليف التنقيب لثلاث سنين. ونكمل هذه الحلقة من هذه النقطة؛ إذ بدأت الجولة الجديدة من الاستكشاف عام 1993م، وهنا رجع نيكولاس وفريقه من العلماء إلى شصر التي يعتقدون أنها هي إرم ذات العماد، مدينة عاد المفقودة، وبدؤوا من جديد في التنقيب في الحصن القديم، وهو جزء من قلعة ضخمة فيها أبراج (عماد إرم؟).
في هذا الحصن أقدم حقبة عاشت هناك كانت عام 900 ق م.
في عام 350 ق م بدأت تكبر، وأضيفت الجدران والأسواق والأبراج؛ لتصنع المدينة الجديدة التي ظهر فيها الحصن مطلاً على السوق المحاط بالأسوار.
في المائة سنة بعد ذلك استمتعت إرم بأيام عزها ومجدها بتجارة البخور، وظهر أثر هذا في الأواني المصنوعة بعناية التي بان فيها تأثير الأمم الشرقية أكثر من الغربية، رغم أنه وُجد هناك آثار رومانية ويونانية إلا أن أكثر آنية إرم إما أجنبية أو مستوحى تصميمها من الأجانب، خاصة آنية هندية حمراء، جذبت أعين المستكشفين. هذا النوع يشير إلى تأثيرات فارسية وما بين النهرينية. وإرم يبدو أنها كانت على علاقة قوية بدولة بارثية، وهي حضارة فارسية، عاشت من 400 ق م إلى 300 ب م. كانت تنافس الرومان، تمامًا مثل الحضارة الساسانية الفارسية التي تلتها، والتي اصطرعت مع اليونانيين (الذين نسميهم الروم) مئات السنين.
بينما هم ينقبون أظهروا ممرًا قاد إلى حوض عميق مجصص بعناية، ربما كان غرضه له علاقة بشعائر دينية، يحوي الماء لتلك الطقوس، أو لتخزين البخور التابعة للمعبد.
هذا الممر اتجه لليسار، ثم اليمين، ثم صعد درجًا جيد الصنع، وفجأة، في منتصف الهواء.. انتهى! أي غرف أو آثار حوتها الغرف تلك قُصّت وانسلخت، وسقطت في الحفرة الكبيرة المقابلة للحصن، التي رأينا بعض محتوياتها في الحلقات السابقة، ورأى عالم الآثار أن التصميم الكامل للحصن لن يُعرف أبدًا.
اكتشف العلماء كأسًا، شكلها عادي، لكنه محير، ومعناه كبير ومفاجئ.
ما هو؟ وما معناه؟ نرى الحلقة القادمة.