إبراهيم عبدالله العمار
الشجرة.. خرج آدم من الجنة بسببها. الشجرة، من عذاب أهل النار. أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ . رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أُسري به. رأى الشجرة المخيفة هذه. وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ .
شجرة المانشينيل في أمريكا الجنوبية، أخطر شجرة في العالم، ثمرتها يسميها أهل منطقتها «مانزانيتا دي لا مويرتا»، أي تفاحة الموت الصغيرة، للثمرة رائحة حلوة تغريك، فإذا قضمتَ قضمة واحدة من هذه الفاكهة أصابك ساعات وساعات من ألم البطن العنيف، وربما تقتلك. إذا لمستَ نسغ أو عصارة الشجرة تبدأ أعراض صغيرة كالحكة والصداع وتتطور إلى التهاب جلدي حاد وصعوبة تنفس وثم عمىً مؤقت مؤلم. لا يحتاج حتى أن تلمسها، مجرد نشر الشجرة بالمنشار أو حرق جزء منها والتعرض لنشارة الخشب أو الدخان سيجعلك تندم أشد الندم. فيها أيضاً مواد مسرطنة! أخيراً. مجرد وقوفك تحت الشجرة وقت المطر يضرك، فإذا سقطَتْ قطرة مطر على إحدى أوراقها ثم سقطت عليك يتقرّح جلدك ويغلي!
من هذا الجانب، تبدو الشجرة شراً. لكن من الجانب الآخر، هي رمز الحياة. هي مصدر الأكسجين، تنقي الجو من ثاني أكسيد الكربون، هي غذاء للمواشي والحيوانات والبشر، فيها أنفع المواد على ظهر الأرض، فكما أن شجرة الزقوم ملعونة فشجرة الزيتون رمز البركة والخير والعافية، شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌٌ ، انظر! يشبه الله نوره بزيت الزيتون! هو أعظم الزيوت، فيه من المنافع ما يجعل عينك تتسع مدهوشة. الحبة السوداء التي فيها شفاء من كل داء - إلا الموت - نبتة. ومن ينسى النخلة المحبوبة وثمرتها الطيبة؟ معظم ذِكر الشجرة في القرآن حَسَن، فكما توعّد الله أهل النار بتلك الشجرة الشوكية الشيطانية فهو يعد أهل الجنة بأشجار الرمان والعنب والفاكهة، والنخلة ذُكِرَت أكثر من عشرين مرة، يعدهم بمساحات خضراء على مد البصر. خُضرة الشجرة تبعث الحياة، ليس الحياة البيولوجية في بيئتها فحسب، بل حتى في نفس الرائي. نفسك تنتعش وتحيا إذا شممتَ رائحة الندى على وريقات شجرة في فجرٍ عليل.
الشجرة. طيبة، جميلة، تبعث في النفس السكينة. ليس دائماً! لكن غالباً. ونظل نحبها.