سعد بن عبدالقادر القويعي
بين روح، وعزيمة الشباب، والحفاظ على من يملكون الخبرات المتراكمة ؛ حتى تسير عجلة التنمية باقتدار، وبين سلسلة تغييرات، وتعديلات، وتعيينات، وإعادة تعيين، ودمج، شملت إعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء، وإلغاء العديد من المجالس، والهيئات، واللجان بما يتوافق مع متطلبات المرحلة، ويحقق التطلعات في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها ؛ وتوفير أفضل الخدمات بما ينسجم مع سياسة المملكة ؛ فقد أعلن خادم الحرمين الشريفين - الملك - سلمان بن عبدالعزيز عن صدور عدد من الأوامر الملكية، وذلك في إطار استراتيجية متكاملة، ووفق خطط مدروسة، وضعت بعد إجراء العديد من الدراسات المتخصصة، ومن منطلق التطوير المستمر، وانسجاماً مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030م.
عصر جديد، ومرحلة تاريخية في مسيرة الوطن، ومشروع تنموي شامل بما تضمنته القرارات الملكية من مبادرات تاريخية، وخطط تنموية، تجعل من هذه الرؤية الحدث الأهم في تاريخ البلاد بعد توحيدها، وتبشر بمستقبل زاهر، ورخاء مستدام، ليس فقط على الصعيدين - المحلي والإقليمي -، بل سيتعدى ذلك إلى المستوى الدولي - بإذن الله -، وذلك من خلال السيناريو الذي سيكون مُخطَّطا برؤية تتحدث عن سنوات مقبلة، وعن مستقبل مُشرق مليء بالتفاؤل، كما ننظر إليه - في الوقت نفسه - بالكثير من التحديات .
في غمرة الاحتفاء بهذه الرؤية التاريخية في توقيتها، وأبعادها، وبما حملته من أصداء فرح، وفخر، وابتهاج، كتب لنا زميلنا - الأستاذ - منصور الشمري عن رؤيته لهذه القرارات في مجموعة «حوار العقل»، بأن هذه الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين، هي - بلا شك - نتاج عمل طويل لأجل الوطن. ومن خلال هذه المجموعوعة المباركة نتطلع إلى التحليل أكثر من أي أمر آخر ؛ فالمملكة تسير وفق توجه عالمي، إذ إنها لا تعيش بمعزل سياسي، أو اقتصادي، او اجتماعي، او ثقافي. وهذه المسيرة هي - بذاتها - تمثل تحديا مع منافسين كثر على أن تكون قوة مؤثرة، أو تكون دولة مهمشة، وجزء من هذا التحدي مناط بالحراك الإقليمي، الذي يتسارع بشكل ملحوظ نحو العالمية، من خلال رسم الهدف.
إن المملكة تمتلك إقليما بعوامل مؤثرة، تجعلها في الريادة من خلال أمرين، الأول: التنوع الجغرافي الكثير، والتعداد السكاني الكبير. وهذان الأمران سيساهمان من جهة في البروز، والتأثير نحو التفوق ؛ بسبب توحيد اللغة، والعقيدة . ومن جانب آخر، سيمثلان تحديا ؛ بسبب الجهد المبذول الذي سيكون عاليا، ومضاعفا.
نحن كمواطنين نرجو أن تحقق مملكتنا الريادة في كل شيء، وليس بمستحيل . وهذا يكون من خلال تحقق ثلاثة أمور، الأول : تشجيع لغة التفاؤل بالمستقبل، وتسويقها، والتأكيد عليها من خلال دعم المسؤولين، ودعم هذه اللغة بين أوساط المجتمع كل حسب قدرته. والثاني: التذمر داء لا يخدم أي مجتمع، ولا يليق بمن هو مصدر للمعرفة، أو مؤثر بوطنه أن تسود هذه اللغة أروقة مجالسه، ومنتدياته. نعم هناك نقد، وهو جيد ؛ لكن لا يغيب عن الجميع أن للنقد أدابه العلمية قبل العملية، لذلك فترك التذمر، والعتب، وتصويب من يقع فيه واجب أخلاقي. أما الثالث: فإن تصفية الحسابات خطر مهدد، - سواء - كان ذلك من منطلق حزبي، أو فكري، أو إقليمي، أو قبلي. وعندما يكون ذلك على حساب الوطن، الذي هو حق التعايش للجميع، فدون أدنى شك سيكون ذلك مهددا حقيقيا للتنمية، والإنسانية ؛ فالبعد عن ذلك شرف عقلي، ونزاهة فكرية.
نأمل أن يحقق الوطن أجمل أيامه، ونستشرف سويا قادما أفضل، كل هذا عندما نكون يدا واحدة، ونحن - بإذن الله - كذلك.