سعد بن عبدالقادر القويعي
أكّدت اللجنة الدوليــــة للصليب الأحمر في بيان صادر عنها أن تصاعد العنف في مدينة حلب السورية، يدفع من يعيشون تحت نيران القصف، والتفجيرات إلى شفا كارثة إنسانية. وقالت المنظمة: إن المدينة تعرّضت للدمار الشديد، بما في ذلك مرافقها العامة، ومنشآت البنية التحتية، وهو ما تسبب في حرمان السكان من المياه، والكهرباء - منذ شهور طويلة -. والأمر - في تقديري - يعد تطوّراً نحو الأسوأ إلى أزمة دوليّة، قد لا تضاهيها أية أزمة أخرى - منذ الحرب العالميّة الثانية -.
تعيش حلب أسوأ كارثة إنسانية، بحكم تعرضها للقصف اليومي بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام السوري. وما سيحدث - في الأسابيع المقبلة - من نتائج سلبية، سيكون له تأثير كبير على مستقبل الصراع السوري، والشبكة المعقدة من الأهداف، والمنافسات الإقليمية، والدولية التي تحيط به. وقد أشار معهد دراسة الحرب بواشنطن في تقرير نُشر - قبل أيام -، بأن الأسد، وحلفاؤه في روسيا، وإيران استوعبوا المبدأ الأساس، بأنَّ واقع المعركة، وليست سياسات القوى العظمى، هو الذي سيحدد الشروط النهائية؛ لإنهاء الحرب الأهلية السورية؛ حتى إنّ واشنطن، وعواصم غربية أخرى تُعلّق آمالها على محادثات جنيف برعاية الأمم المتحدة، التي تعثرت بعد يومين - فقط - من بدايتها.
ولأن معركة حلب الكبرى تحتوي على أبعاد كثيرة في التوازنات الإقليمية، والدولية، فإن التأثير الكبير على خارطة التحولات العسكرية الإستراتيجية لصالح المعارضة السورية في الشمال، أصبح يميل إلى جانب التدخل الروسي العسكري، وبدء الجيش السوري الزحف نحو المدينة، وإلى شراكة إيران، ومحورها لهذا الخيار، الذي كشفت القناع عن تجار السياسة. وهذا الخيار إن حدث، سيكون أعظم انتصار للأسد - منذ الثورة السورية عام 2011 م -. وهو ما أشار إليه - المحلّل السياسي والإستراتيجي - محمود المؤيّد، بأن: نظام الأسد يحتاج حلب كبعد إستراتيجي من نواح عدة، أولها: معنوي، كون حلب تشكل مركزاً اقتصادياً، وبُعداً عسكرياً يحرم المعارضة من حلب كخزان بشري، ولوجستي. والبعد الأخير: أمني، فهو يمنع المشروع التركي، والذي يشكل عمقاً إستراتيجياً. كما أن أبعاد معركة حلب، توضح اللعبة الدولية التي لا تزال في بداية الترتيبات، فهي لا تشمل الخرائط الجيوسياسية - فقط -، بل الديموغرافية التاريخية، والسكانية، والدينية.
حمام الدم في محافظة حلب سيزداد، وستكون حلب على صفيحٍ ساخن، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت. وبهذه المعطيات الكارثية، فإن على المجتمع الدولي واجب استدعاء تضافر كل الجهود؛ لإنقاذ هذه المدينة من الموت الذي يحاصرها من كل حدب، وصوب، - وخصوصاً - أن واقع الحال يحكي استنكاف ما يسمى بالمجتمع الدولي عن تحمل المسؤوليات في احترام أدنى الحقوق الإنسانية، - إضافة - إلى أن سقوط حلب، سيشكّل نقطة تحوّل حقيقية في الصراع السوري نحو الأسوأ.