أ. د.عثمان بن صالح العامر
في الوقت الذي قرر فيه مجلس الوزراء الموقر- في جلسته المنعقدة يوم الاثنين الماضي- الموافقة على سياسة الزراعة العضوية في المملكة العربية السعودية، والتي تهدف إلى إنتاجِ الغذاء الآمن ذي الجودة العالية، والمحافظةِ على البيئة والموارد الطبيعية، والمحافظة على مياه الريّ في الزراعات العضوية وترشيد استهلاكها، وزيادةِ عدد المزارع العضوية لرفع مستوى الإنتاج العضوي، ودعمِ الإنتاج الزراعي العضوي. في هذا الوقت المفصلي- الذي يشهد خطوات واضحة وجريئة في سبيل تصحيح مسارنا التنموي والحياتي بشكل عازم وحازم- افتتح معالي مدير جامعة حائل الأستاذ الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم صباح الثلاثاء الماضي 3 شعبان 1437هـ ورشة عمل «الزراعة العضوية بين الواقع والمأمول» التي ينظمها كرسي الشيخ علي بن محمد الجميعة - رحمه الله- للتنمية المستدامة في المجتمعات الزراعية، بمشاركة نخبة من أساتذة الجامعات السعودية وعدد من المختصين في وزارة البيئة والمياه والزراعة، وحضور أسرة الجامعة وطلابها والمزارعين والمهتمين بهذا النوع من الزراعة، وصاحَبَ الورشةَ معرضٌ للمنتجات العضوية متميز.
* الورشة التي تشرفت بحضورها كشفت عمق المعاناة التي يجدها المزارعون لهذا النوع من الزراعة، جراء عدم وعي المواطنين بأهمية شراء المنتجات العضوية في مقابل الكيمائية التي لا تكترث بصحة الإنسان، ولا تولي الجانب الوقائي أهميته ، مؤكدين ما جاء في كلمة مدير الجامعة في هذه المناسبة من أهمية إيجاد مختبرات داخل أسواق الفواكه والخضرة واللحوم؛ لفحص المنتجات المعروضة قبل شرائها من قِبل المستهلكين، ووجوب العمل الجاد من قبل وزارة البيئة والمياه والزراعة جنبا إلى جنب مع الجامعات وهيئة الغذاء والدواء ومؤسسات التثقيف الأخرى على رفع مستوى الوعي لدى المواطن، والذي سيتولد عنه خفض فاتورة العلاج السعودية واتساع رقعة المساحات الخضراء من الزراعة العضوية في مقابل الكيميائية التي قد تكون سبباً لتعرض المستهلك لكثير من الأمراض المستعصية- لا سمح الله- خاصة في ظل جهل أو عدم اكتراث العامل الذي يباشر عملية الرش بفترة التحريم والحظر للمبيد، أو بكمية الكيماوي الذي يوضع ومدته ونوعه، وغير ذلك مما هو معلوم لدى المزارع في الحقل.
* لقد وجّه المشاركون نداءً صريحاً وواضحاً للجهات ذات الاختصاص، خاصة وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشئون البلدية والقروية، متضمناً وجوب سرعة توفير مختبرات عالية الجودة في أسواق الخضار والفواكه، وعدم السماح ببيع أي منتج مضروب يسبب ضرراً للمستهلك أياً كان هذا الضرر ونسبة احتمال وقوعه، مشيدين بما تحقق في عدد من المناطق والمحافظات والمدن التي بادرت منذ فترة ليست بالقريبة إلى إيجاد هذه المعامل المخبرية حرصاً منها على سلامة المواطن، مثمنين توجه القيادة الحكيمة للزراعة العضوية في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حرصاً منها على إنسان الوطن .
* لقد كانت الزراعة حاضرة في ذهنية الشيخ علي الجميعة - رحمه الله- بشكل كبير، وكان حتى آخر لحظة من عمره يراهن عليها ويطالب بدعمها ويحث الشباب على الانضواء تحت رايتها، ومن أجل مناقشة قضاياها المختلفة كان منه- رحمه الله- تأسيس ملتقى الخطة السنوي الذي يجتمع فيه المسئولون والباحثون والمختصون والمهتمون بالزراعة للتحاور والتباحث والمدارسة حول قضية ملحّة من قضايا الحقل، ومن هذا الباب أسس ودعم -رحمه الله- كرسي الشيخ علي بن محمد الجميعة للتنمية المستدامة في المجتمعات الزراعية؛ ليكون الذراع البحثي لهذا القطاع التنموي المهم ليس هذا فحسب، بل أتاح للباحثين الاستفادة الكاملة من المختبر الزراعي المتكامل والمتميز، الموجود في مزرعة العزيزية بالخطة، وجعل أبواب مزارعه جميعاً مشرعة لكل من رغب في إجراء دراسة نوعية في أي مفردة من مفردات الحقل.
* رحم الله الشيخ علي الجميعة، وطرح البركة في عقبه، وجعل ما قدم ويقدم أولاده وأحفاده من بعده في موازين أعمالهم جميعاً، وشكر الله للجامعة جهودها المتميزة التي تصب في ميدان خدمة المجتمع، سواء من خلال أعمال الكراسي البحثية أو برامج عمادة خدمة المجتمع أو المشاريع التطوعية أو غيرها، والشكر موصول للمشاركين في هذه الورشة التي تصب في النهاية في خانة المصلحة الوطنية والنافع العام وسلامة وصحة المواطن، دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.