أ. د.عثمان بن صالح العامر
نحن في المملكة العربية السعودية نمرّ بمرحلة مفصلية لا تخفى، تحمل في طياتها فرص ومكتسبات وفي ذات الوقت مشاكل وتحديات عديدة داخلية وخارجية ،سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية مختلفة وهي -في نظري- ليست بالهينة ولا السطحية بل إنها عميقة ومعقدة وصعبة، ولذا يجب النظر إلى هذا الظرف الزماني أنه الفرصة المواتية لإعلان تدشين مرحلة جديدة من عمر هذه الدولة المباركة الميمونة ، تحتاج هذه المرحلة المفصلية محل الحديث إلى جهد مضاعف وعمل دؤوب وخطوات مدروسة، تشرف بالماضي وتحلل وتنقد الحاضر وتستشرف وترمق المستقبل ببصر مفتوح وبصيرة متقدة وناضجة .. تستشعر في ذات الوقت عظم المسئولية الوطنية الملقاة على عواتق الجميع، خاصة الخبراء والمستشارين والمشرعين وأصحاب المعالي الوزراء من بيدهم الحقائب السيادية ذات المساس المباشر بحياة المواطن والقاطن والمعتمر والزائر، ومن ورائهم مديرو العموم ومتخذو القرار والمنفّذون المتنفّذون في المناطق المختلفة.
- وحتى نحقق الرؤية الواعدة التي استبشر بها الكل وأثنى عليها الكثير داخل المملكة وخارجها، أعتقد أننا في السنوات القريبة من الضروري أن نكون في ورش عمل دائمة نتصالح فيها ونتصارح من أجل تحقيق رؤية 2030 وتنمية الوطن تنمية شاملة ومستدامة ، وفي سبيل حماية واستقرار ورخاء ورغد عيش المواطن، وهنا يأتي دور مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
- لقد أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان أن الشفافية ستكون ركيزة أساسا ولبنة مهمة من لبنات البناء الوطني 2030م، وأن الإعلام شريك في تقييم أداء الحكومة، ومن هذا الباب تقييم الوزارات والإدارات الخدمية وهذا يعني ضرورة قيام الإعلام ومؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة بنشر ثقافة النقد في الأوساط المجتمعية، حتى لا تشخصن القضايا وتعمم الأحكام ويتعالم الرويبضة ويمارس النقد من ليس أهلا له، أو أنه أهلاً لذلك ولكنه من أولئك الذين يوظفون الوطن والمصلحة المجتمعية من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.
- نعم لابد أن يصل صوت المواطن، ومن الضروري أن يسمع الوزير والمدير والرئيس لكل صاحب شكوى وإن كان إنسانا بسيطًا.. من الضروري أن يرحب أصحاب المعالي والسعادة بكل رأي متعقل مدلل ومبرهن عليه بالشواهد الحية أو الصور الموثقة، ليس هذا فحسب، بل أعتقد أن من الأهمية بمكان أن يرد ويوضح هذا المسئول أو ذاك للمواطن- أياً كانت حاله ومنزلته ومقامه- حقيقة الموقف وسبب اتخاذ هذا الإجراء دون غيره، وإن كان هناك خطأ أو تقصير أن يعترف ويصحح حتى لا تتولد الفجوة الخطيرة بين المواطن والمسئول فتوظف من قبل الأعداء وأصحاب الأهواء، يغرد بها الطابور الخامس أو يكتب عنها هنا أو هناك ليؤجج الدهماء ويوغر الصدور ويثير النفوس ويتلاعب بالمشاعر ومن ثم يقف في معسكر الضد أناس من أبناينا إزاء مشروع الإصلاح الواعد والواعي.
- لقد جلست متأملاً الصورة الوردية الرائعة التي نتطلع لها جميعا، ونتوق للوصول إليها عام 2030م، وحاولت الدخول في تفاصيل الوجع اليومي للمواطن العادي البسيط القابع شمال المملكة أو جنوبها، قلبت في خاطري صور الحياة المختلفة التي تعيشها وتعايشها الطبقات المتوسطة وأصحاب الدخل المحدود فضلاً عن الفقيرة المعدمة ذات العوز والحاجة، بدءًا من البيوت مروراً بالشوارع وصولاً لمكاتب الدوائر الحكومية والجامعات والمطارات والتاكسي والعمالة والأسواق والبنوك والمستشفيات والمدارس والقرى والهجر والمحافظات، وبصدق عاد البصر إليّ خاسئاً وهو حسير للأسف الشديد، وجزماً عمّا قريب ستكشف هيئة قياس الأداء بالأرقام والبراهين كل هذه التفاصيل المؤلمة لتضعها أمام قائد مسيرة الإصلاح سلمان العزم والحزم وولي عهده الأمين وولي ولي العهد حفظهم الله ورعاهم أجمعين.
- إن الوطن ممثلاً بقيادتنا العازمة والحازمة يستحث الهمم ويبعث في الشباب المتقد خاصة روح المبادرة والإقدام من أجل المشاركة الحقيقية في حركة التصحيح الشاملة والإصلاح الوطني الرائد:-
بدءًا من الفكر الذي يجب أن يتحول من السلبية إلى الإيجابية الفاعلة والمؤثرة، ومن المسترسلة في النقد الموجه للأشخاص، والذي يهدم ولا يبني ويوغر الصدور ولا يحقق المأمول، إلى النقد البنّاء الذي يركز على الفعل والأثر المترتب عليه.
- مروراً بالفعل الذي يجب أن يتكئ على الشعور بالمسئولية وعدم الاتكالية والركون للعادات والأعراف والتقاليد القبلية والمجتمعية التي قد تصفد العقل وتحجب الرؤية وتضر بصاحبها وهو يحسب أنه يحسن صنعا، فضلاً عن أن هذا الفعل المنتظر من الشباب الواعد يجب أن يصب - في النهاية- في خانة المصلحة الوطنية الحالية والمستقبلية ولا يتعارض معها بحال.
- وصولاً للغاية التي ينشدها الفرد من فعله أياً كان مستواه وطبيعته ومكان مقارفته داخل المملكة أو خارجها، مستشعراً في كل أحواله ا لمزية التي شرفه الله- عز وجل- بها، فهو من أهل هذه الأرض المباركة المعطاء، بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية ، ويعيش في بلد آمن تحت ظل قيادة ترعى المواطن وتحكم شرع الله عز وجل فيه - له أو عليه - فهو سبحانه وتعالى بما شرع وحكم أعلم بما يحقق لهذا المخلوق المكرم (الإنسان) سعادته وطمأنينته في الدارين.. حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذلّ أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمِه ، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.