إبراهيم السماعيل
في 29 /04 /2016 أعلنت الولايات المتحدة وروسيا التوصل إلى اتفاق أسموه اتفاق الصمت، والذي يهدف إلى وقف كل أنواع العمليات العسكرية لمدة لا تزيد عن 72 ساعة فقط في كلٍ من ريف اللاذقية وريف دمشق، بينما الإجرام والإبادة الوحشية البربرية تحدث في مدينة حلب التي تم استثناؤها من هذا الاتفاق المخزي!!
هل يمكن أن يكون هناك اتفاق بل تآمر قذر أكثر استفزازاً واستهتاراً بأرواح أبناء الشعب السوري من هذا الاتفاق؟ بل هل يوجد ما هو أكثر من هذا استهبالاً واستخفافاً بعقول الناس وتحدياً لمشاعرهم؟ هل يوجد ما هو أكثر وضوحاً من اتفاق العار والخزي هذا؟ وعن المدى غير الأخلاقي وغير المسبوق الذي انحدرت إليه الولايات المتحدة في التآمر على الشعب السوري من هذا الاتفاق؟.
إن استثناء حلب المقصود والمتعمد والذي كان يجب أن يكون هذا الاتفاق من أجلها أصلاً يكشف بشكلٍ واضح أكثر من أي وقت مضى ما يدبر للشعب السوري من مؤامرات خسيسة هدفها إحباط ثورته ومنع سقوط عصابة الأسد، حيث إن هذه العصابة الفاجرة كانت قد أعلنت عن عزمها اقتحام حلب، هذا الإعلان الذي بادر الروس إلى استهجانه ونفيه في حينه إمعاناً منهم في التضليل والخداع، ويأتي اليوم استثناء حلب من اتفاق الصمت بطلب روسي ليكشف كذب الروس وخداعهم.
منذ أشهر وعصابة الأسد وحلفاؤها الفرس وعصاباتهم الطائفية الشيعية والعصابات الكردية الموالية للأسد وداعش أيضاً يحاولون اقتحام هذه المدينة الصامدة، لكنهم تكبدوا هزائم نكراء، وعندما تبين عجزهم لجؤوا إلى الخيار الأكثر جبناً وخسة والذي لا يجيدون غيره وهو قصف المدن والتجمعات السكانية الخارجة عن سيطرتهم من السماء، وعن بعد بالصواريخ، إضافةً إلى سلاح الحصار والتجويع بقصد إبادة السكان المدنيين وترهيب من بقي منهم حياً لإجبار المعارضة المسلحة على الخروج من المدن والتجمعات السكانية، لقد فعلوا مثل هذا في كل مكان زعموا أنهم انتصروا فيه واستعادوه من حمص وحي الوعر فيها إلى القصير والزبداني وكثير غيرها.
الأكيد أن هذه العصابات المجرمة لم تنتصر في مواجهة حقيقية واحدة على الرغم من تفوقهم في العدد والعدة بمراحل على رجال الثورة السورية الأبطال وعلى الرغم من التدخل الروسي الجوي، إضافةً إلى التآمر الأميركي الإسرائيلي الواضح مع عصابة الأسد وحلفائها.
إن نظام الصمت المخزي الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة وروسيا مؤخراً ليس جديداً، فهو مطبقٌ فعلياً منذ سنوات في العراق وسوريا، ويقصد به حرفياً الصمت والتعامي عن جرائم العصابات الطائفية وعن جرائم الروس منذ استعملت روسيا أول فيتو في مجلس الأمن قبل أكثر من أربع سنوات، وصولاً إلى قصفها الوحشي للمدنيين في سوريا الآن.
إن ترك حلب الآن تحترق وتباد أمام العالم أجمع بالقاذفات والصواريخ الروسية من دون تمكين الشعب السوري من السلاح الذي يستطيع به الدفاع عن نفسه هو عمل ممنهج ومقصود ممن بيده القرار الأول في العالم، والذي أجبر كل أجهزة العالم الأممية ودوله على الصمت، إنها القوة الأعظم التي سمحت لكل هذا الخزي والعار والدمار أن يحدث.