سمر المقرن
موجعًا للغاية، ذلك الإعلان الذي يتردد على القنوات التلفزيونية الإيرانية، والذي يحث الأطفال على الخروج إلى الحرب على جبهات القتال في سوريا. في ذلك الإعلان يخرج طفلان يحملان المايكروفون يغنيان قائلين: (لدي الحكم للدفاع عن حرم ملك النجف، بإيعاز من المرشد خامنئي أضع دومًا حياتي، هدفي ليس تحرير العراق وسوريا فحسب، بل هو الوصول إلى القدس عن طريق حلب) يتخلل هذا الإعلان مؤثرات مرئيّة لأطفال يرتدون ملابس الجيش ويتدربون في المعسكرات.
زج الأنظمة الإرهابية بالأطفال في أتون الحروب ليس بجديد، إنما الجديد هذه المرّة هو «بجاحة» النظام الإيراني في جعل هذه الدعوة مرئية عبر القنوات التلفزيونية واستخدام أطفال فيها لبث رسالة لا إنسانية ولا تمت إلى الأخلاق ولا الدين بصلة!
الكل يعلم أن ملالي إيران قد تورطوا في حرب سوريا، وخسائرهم فادحة، بعد أن عاد عساكر الحرس الثوري من سوريا بأكفانهم، لم يعد لديهم سوى الأطفال ولم يتبقَ لديهم سوى هذه الأسلحة الرخيصة وهي الأطفال الإيرانيين والأفغان، بعد أن تكاتفت المليشيات الأفغانية مع الحرس الثوري الإيراني مقابل ثمن مادي رخيص!
تحدث المجتمع الحقوقي الدولي كثيراً عن حقوق الأطفال في الحروب، وحاجاتهم للرعاية والعلاج والتعليم وحمايتهم من مخاطر الحروب والإصابات وانفصالهم عن أهاليهم وغيرها، لكن المُلاحظ أن هناك صمتا مطبقا على توريط الأطفال داخل هذه الحروب وجعلهم وقودا لمعارك لا يعيها استيعابهم الصغير.
هذه المشاهد المؤلمة في توريط الأطفال داخل ساحات الحروب، تطرح كثيراً من الأسئلة على الجهات المعنية الراعية للقوانين الدولية الإنسانية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها: أين هي الجهود التي سمعنا أنه يتم العمل عليها منذ سنوات لحماية الأطفال من التجنيد والمشاركة في الحروب؟ وأين قوانين حماية الأطفال في الحروب التي وضعتموها وتلزمون بها الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية؟ ما هي الجهود التي وقفتم عليها لحماية أطفال إيران وأفغانسان من التورط بهذه الحرب القذرة؟ ما الذي فعلتموه بعد مشاهدتكم تشييع أكثر من عشرين طفلاً أفغانيًا قُتلوا قبل أيام في سوريا؟
قائمة الأسئلة تطول لكنني على ثقة بأن لا إجابات منطقية سأجدها، ولا أفعال حقيقية ستوقف هذه الجرائم البشعة في حق أطفال الحروب.
الكلام سهل، وإظهار بيانات (القلق) والاستنكار أسهل، إنما الخطوات المُتحركة تجاه إيقاف هذه الجرائم هي الأصعب، بل إن النظام الإيراني يتجّح في إعلاناته التلفزيونية لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، ولو لم يعلم أنه لا عقوبات ستطوله على هذه الجريمة النكراء لما أقدم عليها في وضح النهار!
ما زال النظام الإيراني يتمادى في جرائمه بحق شعبه، وبحق الشعوب العربية، ويريد من خلال الإعلان أن يوهم الأطفال بالذهاب إلى القدس، أي قدس يتحدثون عنه وهم من يحاول إفساد وتخريب مراسم الحج في مكة المكرمة؟ أي قدسية لبيوت الله يتحدث عنها هذه النظام وجرائمه في مكة لا تُعد ولا تحصى؟
إن كان المجتمع الدولي قد التزم الصمت حيال كل جرائم هذا النظام، فإن جريمته بحق الأطفال من المهم أن يكون تجاهها ردة فعل على الأقل تُشعرنا بأن هناك مجتمعا دوليا قادرا على إيقاف ولو -بعضٍ- من الجرائم!