سمر المقرن
من أكثر الأفلام السينمائية لهذا الموسم التي تركت بداخلي أثرا عميقا، هو فلم (ما تزال أليس) الذي قامت ببطولته جوليان مور الحائزة على جائزة الأوسكار هذا العام على هذا الفلم. يتناول حكاية أستاذة في جامعة كولومبيا في علم اللسانيات، وتُمثل نموذج المرأة الأستاذة الجامعية ذات الشخصية المتميزة، لكنها تدخل في حالات النسيان وتكتشف نفسها باكراً بعد الذهاب إلى الطبيب وإجراء الفحوصات الكاملة التي أكدت على إصابتها بمرض الزهايمر وهي في سن الخمسين الذي يعتبر عمرا مبكرا لظهور أعراض المرض.
أستحضر أحداث هذا الفلم كلما قرأت عن مرض الزهايمر عبر الصحف المحلية، وبعض الإحصائيات المخيفة، التي تتناول المرض وتنذر بوجوده وتفشيه دون أي حملات مصاحبة تُذكر لتوعية الناس بالوقاية منه والتي من المفترض أن تتغلغل إلى ثقافتنا الصحية والغذائية، طالما أن هذا المرض يغزو البيوت والعقول ويأخذ الإنسان إلى عوالم أخرى ولا يُبقي سوى جسده في الحياة.
مرض الزهايمر ليس بجديد، لكن قد يكون مسماه والتعريف به جديد علينا، حتى ظهور الأرقام والإحصائيات يعتبر أمر جديد وجيّد، حيث قرأت أن عدد المصابين بهذا المرض في المملكة وصل إلى 50 ألف إصابة، مع زيادة أرتفاع أعداد المسنين. ما لاحظته هو الخلط الكبير بين حالات فقدان الذاكرة التي تصيب الإنسان سواء في سن مبكر أو في سن الشيخوخة وبين مرض الزهايمر، وهذا يعود إلى وجود قصور شديد في عملية التوعية، والتي من المفترض أن تتم من خلال حملة وطنية موسعة وشاملة لجميع القطاعات للتوعية بالزهايمر وأساليب التعامل معه، وكذلك عمل فحوصات كتلك التي تحدث أثناء الحملات الصحية للأمراض الأخرى، كمرض سرطان الثدي، وتسهيل عمل فحوصات مرض الزهايمر وإيجاد عيادات للفحص والتوعية في المراكز والمستشفيات.
أضف إلى ذلك، وما لاحظته، هو صعوبة التعامل مع مريض الزهايمر، مما ينبه بضرورة عمل دورات تدريبية وورش عمل لأهالي المرضى، وكذلك للقائمين على رعايتهم.
أعود إلى فلم ما تزال أليس، هذا الفلم على روعة أحداثه إلا أنه يعتبر من أهم ما ظهر على الشاشة للتوعية بالمرض، وهو يطرح سؤالاً مهماً حول إصابة -بعضهم- به في سن مبكر، إذا ما عرفنا أن الإصابة لا تحدث إلا في سن الـ 65 وما فوق، وهنا يأتي دور الأطباء لإيضاح أسباب الإصابة المبكرة به، وكذلك أن لا تخرج الإحصائيات هكذا بشكل عام، بل من المهم أن تخرج بتفاصيل دقيقة بالأعمار والأسباب.
لا أتفق مع من يقول إن الزهايمر هو مرض العصر، أتوقع أنه مرض قديم جداً لكننا لم نعرفه إلا في هذا العصر. وما دمنا قد عرفناه فمن الضروري أن نتعرف على كافة تبعاته، والأهم هو طرق الوقاية منه، وإن كان هذا صعباً فعلى الأقل الوقاية منه في العمر المبكر.. وسلامتكم من كل مرض.