سمر المقرن
هو الموضوع القديم المتجدد الذي لا يزال يرافق مجتمعنا الذي ظل أفراده يطالبون بتحقيقه دون ملل ولا كلل، ألا وهو قيادة المرأة السيارة.
أدرك أن القراء قد سئموا هذا الموضوع وشاكلته، ولكن ليس أمامي ككاتبة رأي إلا أن أجدد الحديث عنه بين فترة وأخرى؛ لعل التذكير بذلك يحقق النتائج المنطقية التي طال انتظارها، وخصوصًا مع مواصلة محاولات بعض أعضاء مجلس الشورى إصدار توصيات من شأنها أن تسهم في الوصول إلى القرار المطلوب.
عادت كل من الدكتورة هيا المنيع والدكتورة لطيفة الشعلان والدكتورة منى آل مشيط إلى تكرار ما بدأنه قبل نحو ثلاثة أعوام، حين اجتهدن في تقديم المقترحات التي تدعم موضوع قيادة المرأة السيارة. ورغم كل ما واجهنه من رفض داخل مجلس الشورى إلا أنهن واصلن محاولاتهن، وآخر ذلك مطالبتهن مطلع الأسبوع الجاري بتعديل المادة الـ36 من نظام المرور، التي تحدد شروط الحصول على رخصة القيادة، وذلك بإضافة فقرة جديدة، نصها: «تعتبر رخصة القيادة حقًّا للرجال والنساء على حد سواء متى توافرت الشروط»؛ إذ اعتمدن في هذه الخطوة على دراسة شاملة، توضح أهمية إقرار هذا المطلب وفق رؤية علمية أخذت في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية والأمنية، وانسجامًا مع مرتكز قانوني يتفق مع نظام الحكم الأساسي للدولة.
وتتطلع العضوات المبادرات اللاتي حملن هذا الملف على عاتقهن انطلاقًا من مسؤوليتهن تجاه الوطن والمجتمع إلى مبادرة مجلس الشورى بدفع المقترح للجنة الأمنية لدراسته وإدراجه للتصويت، وخصوصًا أنه جاهز ومكتمل، ويأتي متماشيًا مع برنامج التحوُّل الوطني الذي يشدِّد على استثمار الموارد البشرية والمادية الوطنية بأعلى كفاءة ممكنة، ويؤكد مشاركة كاملة وفاعلة للمرأة السعودية.
مما لا شك فيه أن قيادة المرأة السعودية ليست شكلاً من أشكال الرفاهية؛ فالدعوات إلى تحقيقها والمطالبة المستمرة بها ليست ترفًا، وإنما تسهيل على الكثير من المواطنات اللاتي يشكِّل هذا الأمر بالنسبة لهن ضرورة قصوى، تخفف عليهن عناء استقدام السائقين وتحمُّل تكاليفهم بل مخاطرهم، وتحد الاصطفاف والانتظار الطويل لرحمة سيارات الأجرة التي هي الأخرى فيها من التكاليف ما فيها، والمخاطر أيضًا. فالأمر اليوم أكثر عمقًا من مجرد مطلب اعتيادي، بل هو في حقيقته مطلب شعبي ووطني، بات تحقيقه ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى، وخصوصًا أن تعليقه وعدم إصدار قرار بشأنه لا يرتبط بجوانب شرعية أو قانونية.
من هنا أدعو مجلس الشورى إلى مزيد من العناية بهذا الموضوع؛ فالأمر قد طال أكثر مما ينبغي، ورفض النسبة الأكبر من الأعضاء للمقترحات المطالِبة بالسماح في وقت سابق لا أجد له مبررًا منطقيًّا. فليعلم الأعضاء الموقرون أنهم مستأمنون فيما يوصون به داخل المجلس؛ فعضوية الشورى ليست للاستعراض، وإنما لخدمة المواطنين، والعمل على تحقيق مطالبهم.
بقي أن أؤكد أن قيادة المرأة للسيارة ليست عملية إجبارية، والرجل الذي يرفض هذا بإمكانه أن لا يسمح لنسائه بالقيادة، وكذلك المرأة التي ترفض القيادة بإمكانها أيضًا أن تبقى تحت رحمة السائق الأجنبي!.