سمر المقرن
شاءت الصدفة أن ألتقي بالإعلامي المصري باسم يوسف في أبو ظبي قبل حوالي ثلاثة أشهر، كنّا مجموعة من الإعلاميات والإعلاميين نجلس على الغداء في جزيرة السعديات بدعوة من هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة. كنت مثلي مثل كثير من متابعيه نحب الضحكة والمادة الخفيفة التي يُقدمها في برنامجه (البرنامج) الذي دفعت عليه قناة إم بي سي ملايين لم يكن يحلم باسم يوسف بصفر من أصفارها، لكن كما يقال في المثل العامي: (رزق الهِبل على المجانيين)..!
فاجأني بعد أن عرّفه الإخوة أصحاب الدعوة بي وبالزميلات والزملاء السعوديين معي، بأن توجه لي قائلاً: (أيه حكاية التحالف الإسلامي العسكري اللي عاملينو في السعودية ضد الإرهاب.. منتو أصل داعش!).. لم أرد وانتقلت بالحديث في وارد آخر، وبعد خروجنا من المطعم لامني -بعضهم- لعدم ردي، فقلت لن أتلاسن مع شخص بهذا الانحطاط، كما أنني أحترم الجهة التي دعتني والبلد التي استضافتني ولن أنزل لمستواه في التراشق، وكان بإمكاني الرد عليه لكنني أكبر من الهبوط لمستواه!
قبل أن يحكم الإخوان المسلمين مصر لم يكن أحد يعرف باسم يوسف، وهو واحد من الأذكياء الذين استغلوا الأحداث السياسية، ونجح في الوصول إلى قناة عريقة مثل إم بي سي، لا أتوقع في يوم من الأيام كان يحلم بالسلام على عامل القهوة فيها، إلا أن حظه والأحداث أوصلوه إلى ما وصل إليه، فأصبح تصنيفه من (محدثي النعمة) وهؤلاء نعلم الحالة النفسية التي يمرون فيها نتيجة النقلة غير المتدرجة إلى الثراء، وباسم يوسف لم يكن محدث نعمة فقط بل محدث إعلام، إذ أنه فجأة وبلا أي مقدمات أصبح «نجم» وكل الناس تعرفه بفضل إم بي سي!
أتفهم جيدًا الوضع النفسي لمثل هذه الفئة، فتتسم شخصياتهم بالمهزوزة والمتوترة، ويظل هؤلاء على استعداد لتقديم كل أنواع التنازلات الأخلاقية واللا أخلاقية بشرط أن تستمر النعمة بازدياد. ويعتقد هؤلاء أن هجومهم على بلد مثل السعودية سيضمن لهم استمرارية الدخل العالي بعد فجيعة توقف برنامجه الذي كان يُبث على قناة إم بي سي.
من يتابع خطه وقلمه الضعيف والمتهالك والذي لا يستطيع تكوين جملة واحدة باللغة العربية السليمة يدرك مدى تفاهة هذا الشخص، وأن كل ما يفعله تحت ستار التهريج من باب (أنا هنا.. أعطوني).. طبعًا هو وأمثاله لا يدركون إلى اليوم أن هذه العروض باتت قديمة ولا تجدي، وكان غيره أشطر، فقد حاول من قبله أصحاب تليفونات العملة استخدام أنواع مختلفة من الابتزاز، وأن هذا الأسلوب لن يوجع سوى صاحبه لأنه لن يتم الرد عليه، خصوصاً أنه وأشكاله لم تنم كروشهم وترتفع لحوم أكتافهم إلا بأموالنا، وما داموا لا يستحقوها ولم يُثمر فيهم المعروف، فليس لهم إلا التجاهل ولن يحصلوا على ما يريدوا.
باسم يوسف ليس حالة فردية، فقد تعودنا من بعض باعة الكلام العرب على الشد والجذب واستخدام كل الأساليب الممكنة بحثاً عن شيك مليئ بالأصفار، لكن طموحاتهم ذهبت أدراج الرياح وليس لهم منا سوى صفر واحد يرسمه في وسط جبينه!