يوسف المحيميد
لا أحد من المواطنين يمكن أن ينسى صدمته بتصويت أعضاء مجلس الشورى، على رفض بعض الموضوعات الحيوية، التي كان الجميع يجزم بأن الموافقة عليها أمر مفروغ منه، إن لم يكن بالإجماع من قبل الأعضاء، فهو بالأغلبية الساحقة، على سبيل المثال، وضع قانون التحرش، أو الوحدة الوطنية، من الموضوعات التي لا يختلف عليها اثنان، ولعل أحد الموضوعين كان قد طرحه مساعد الرئيس الدكتور يحيى الصمعان عندما كان عضوا، لكنه قوبل بالرفض، لحجج تتعلق بنظام الحكم الأساسي، وهو موضوع الوحدة الوطنية.
وبعيدًا عن أسباب رفض هذين الموضوعين وغيرهما، فإن المهم هو وصف التصويت بشكل عام وملابساته، ولعل الأجمل هو تبرير الزملاء رؤساء اللجان في المجلس، الذين قابلناهم يوم الثلاثاء الماضي، في حلقة نقاش مفتوحة مع كتاب الرأي العام، حول وصف ما يحدث بالمجلس خلال الجلسة، من أن هناك عددًا من الأعضاء، لا يسعفهم الوقت لقراءة الموضوعات المطروحة للنقاش والتصويت، والاطلاع عليها، إلا خلال الجلسة، وأحيانا قبيل الجلسة بوقت قليل، بمعنى أنهم يدخلون الجلسة بلا دراية، وبلا اطلاع كامل على ما ستتم مناقشته، فإما أن ينصرف العضو إلى القراءة خلال سير النقاش، وهذا يفقده التركيز على الحوار والجدل، واستيعاب الموضوع من كافة جوانبه، أو أنه يكتفي بالنقاش دون قراءة، مما يجعله عرضة للتأثر السريع بكثير من الآراء المطروحة، مما يعني أن تصويته أحيانا يأتي من غير إلمام كامل بجوانب الموضوع المطروح.
إذا كان هذا التبرير صحيحًا، فهو قد يصدم الشارع بشكل أكبر من صدمته من رفض مثل هذه الموضوعات التي كانت من صميم مطالبات المجتمع، فهؤلاء الذين اختارهم ولي الأمر، ومنحهم الفرصة الكاملة للمشورة، هم مؤتمنون على قضايا هذا المجتمع، بمعنى أنهم مسؤولون أمام الله أولا، ثم أمام ولي الأمر ثانيا، عن كل ما قد يحدث من فئوية أو طائفية، في هذا المجتمع المتماسك، لعدم موافقتهم على وضع نظام، أو حتى تنظيم، يحكم علاقات الناس بعضهم ببعض، والتعامل معهم بمنطق المساواة، وحقوق المواطنة الواحدة.
ولعل الحل الأكثر إيجابية في مثل هذه الظروف، عند الموافقة أو الرفض على مثل هذه الموضوعات، وتفاديا لصدمة المواطنين، هو إصدار بيان صحفي يختزل ملابسات هذه الجلسة، ومبررات القبول أو الرفض، كي يشعر المواطن بأنه شريك في مثل هذه القرارات، ويخفف من احتقان الناس ضد الأعضاء، وضد قرارات المجلس وجدواه، إلى الحد الذي جعل معظمهم يؤمنون أن المجلس غالبا ما يتخذ قرارات ضد مصلحة المواطن، خاصة في مجالات الإسكان والتعليم والصحة وغيرها من الخدمات التي يأمل المواطن في تطويرها، أي أن البعض، في المجالس الخاصة، أصبح يجزم بأن المجلس وجد كحجر عثرة لجميع ما له منفعة للمواطن، وهذا ضد توجه الدولة التي تضع المواطن أولا وأخيرًا، وتعتبر رضاه وسعادته ورفاهيته من أهم أهدافها التي تسعى إليها.