يوسف المحيميد
رغم أننا في هذه البلاد نواجه تحديات كبرى، سواء على المستوى الداخلي، فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي الجاد، والسعي الحثيث في برنامج التحول الوطني، من أجل بناء اقتصاد قوي وفاعل، وكذلك على المستوى الخارجي، بتكريس مهابة المملكة ومكانتها السياسية، كقوة إقليمية يُحسب لها ألف حساب، بل هي تقود مؤخرا دول المنطقة للوصول إلى استقرار سياسي شامل في الشرق الأوسط، وخاصة في الدول العربية المضطربة، كاليمن وسوريا والعراق وغيرها.
رغم أننا نتحرك في كل صوب، وعلى أكثر من اتجاه، رحلات على مستوى القيادة إلى مصر وتركيا، كقوتين إقليميتين مؤثرتين، واستقبال قادة دول مجلس التعاون، ولقاء الرئيس الأمريكي للمرة الرابعة في غضون عام واحد تقريبا، ورحلة متوقعة إلى روسيا، ونشاط دبلوماسي وسياسي مهم ومؤثر لا يكل، وعمل دؤوب لا يتقنه إلا الساسة الحكماء، ممن يشعر بالمسؤولية تجاه وطنه وأمته.
أقول رغم كل ذلك، ورغم شعور كل مواطن بالمسؤولية الكاملة تجاه وطنه في هذه اللحظات الحرجة، هناك من يثرثر بشكل ساذج ومجاني في مواقع التواصل الاجتماعي، بطريقة توحي أن ما تم مؤخرًا من تنظيم إداري طبيعي لعمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يمثل نهاية العالم بالنسبة له، إلى درجة اللهاث نحو إنشاء أكثر من وسم (هاشتاق) في تويتر، تحاول إبطال هذا التنظيم الإداري، تارة بالوقوف ضد هذا القرار، وتارة باستجداء العودة عن ذلك، وأخرى بالجرأة على التهديد، ولعل أكثرها غرابة هاشتاق #وقفنا_معكم إلى درجة إثارة معظم أفراد المجتمع، بالتساؤل إلى من تحيل (نا) الفاعلين في كلمة (وقفنا)؟
لماذا يعتقد هؤلاء بأنهم تفضلوا على الدولة، ووقفوا معها، في حربها ضد اليمن، كما لو كانوا فعلا على ثغور القتال؟ لِمَ يرون بأنهم مسلمون، وغيرهم خلاف ذلك؟ لم يشعرون بأنهم فئة خارج المجتمع، لا يدخل ضمن واجباتهم الوقوف مع الوطن في كل حالاته، دون الشعور بفضل أو منَّة؟ متى يكفوا عن عزل أنفسهم عن مجتمع بسيط وحميم، ظل لعقود طويلة يشعر بالإخاء والتكاتف والوحدة، لا يلحد ولا يتنطَّع، مجتمع يتشابه جميع أفراده في ظروفهم وأحلامهم، قبل أن يتلوث مطلع الثمانينات الميلادية، ويتورط بتقسيمه إلى فسطاطين متناحرين، فنحذِّر ككتَّاب، ولسنوات طويلة، من تلك الفئوية، ومن ذلك التصنيف، بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، وأعلن رفضها علنا وبوضوح، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، يرحمه الله، قبل عشر سنوات، في بداية استلامه زمام الحكم، حينما خاطب الشعب أثناء زيارته إلى القصيم، بقوله: نحن لا نشك في عقيدة أحد.. ونرفض تصنيف المواطنين إلى علماني وليبرالي ومنافق وإسلامي متطرّف! لذا، يجب علينا كمواطنين، أن ندرك جيدًا بأن وطننا يقف بقوة وحزم في وجه تحديات شتى، وعلى أكثر من صعيد، وأكثر من جبهة، في مهام سياسية واقتصادية كبرى، أكثر أهمية بمراحل، من مجرد تنظيم إداري تصحيحي لقطاعات داخلية.