د. أحمد الفراج
تعتبر ولاية نيويورك من أهم محطات الانتخابات التمهيدية، وقد قالت كلمتها بوضوح، قبل أيام، ففي الجانب الجمهوري فاز المرشح المثير للجدل، دونالد ترمب، بفارق كبير عن منافسيه، السيناتور من تكساس، تيد كروز، وحاكم ولاية اوهايو، جون كيسك، فقد حصد ترمب أكثر من ثلثي أصوات الناخبين، وبالتالي معظم أصوات المندوبين لولاية نيويورك، وهذا متوقع، ليس لتميز ترمب، والذي تعثرت حملته خلال الشهر الماضي، بسبب تصريحاته الغير متزنة، ولكن لأنه ابن ولاية نيويورك، فهو يعيش فيها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فشعبية منافسيه متدنية، وبالذات خصمه الرئيس، تيد كروز، ويطمح ترمب في أن يستطيع حصد العدد المطلوب من أصوات المندوبين للترشح، قبل مؤتمر الحزب الجمهوري، في شهر يوليو القادم، وهو الأمر الذي سيحرج الجمهوريين، فيما لو عزموا على إزاحته، إذ ستكون إزاحته أسهل، فيما لو لم يتمكن من حصد الأصوات المطلوبة، خلال الشهرين القادمين. في الجانب الديمقراطي، كان السباق محتدما، بين هيلاري كلينتون، ومنافسها الوحيد، السيناتور الاشتراكي، برني ساندرز، وقد فازت هيلاري في نيويورك، ولكنه ليس فوزا حاسما، ما يعني أن ساندرز سيستمر في ملاحقتها في بقية المحطات المقبلة، وهي ترغب في حسم السباق الديمقراطي باكرا، لكي تتفرغ للانتخابات الرئاسية، ولكن هذا يبدو بعيد المنال، فقد صرح منافسها، برني ساندرز، بأنه سيواصل مسيرته، لأن هدفه الأسمى هو إيصال رسالته إلى أقصى حد ممكن، ورسالته تتلخص في أهمية أن يتخلص الحراك السياسي الأمريكي من سيطرة لوبيات المصالح، ويكون هدف الساسة هو العمل لمصلحة أمريكا، وأمريكا فقط، وهي رسالة تلقى قبولا واسعا، خصوصا لدى طلاب الجامعات، وتيارات اليسار والوسط عموما، مع العلم بأنه لم يكن أحد يتوقع أن ينجح السيناتور ساندرز بهذا الشكل الكبير، والذي أصبح يشكل تهديدا مستمرا لهيلاري كلينتون.
خلال الفترة القادمة، ستكون مراحل السباق للرئاسة الأمريكية، في كلا الحزبين، محتدمة، خصوصا في الجانب الجمهوري، وسيكون مثيرا للمتابع أن يشهد أحداث مؤتمر الحزب الجمهوري القادم، إذ من المتوقع أن يشهد أحداثا جساما، لم يشهدها الحراك السياسي الأمريكي، منذ فترة طويلة، فمن النادر أن يكتسح مرشح، كما هو الحال مع دونالد ترمب، في ظل عدم رغبة الحزب بذلك، وبالتالي فإن أحداث المؤتمر ستكون شيقة ومثيرة إلى حد كبير.