د. أحمد الفراج
سأعود بكم قليلا إلى سلسلة مقالات كتبتها، في أعقاب الثورات العربية، وأشرت فيها إلى ما يستحق التوقف، ويطرح علامات الاستفهام، حول هذه الثورات، فقد تحدثت عن احتفاء وسائل الإعلام الأمريكية بالغلام الثائر، وائل غنيم، والذي تم استخدامه كأيقونة لثورة مصر، وهو الذي كان يعمل في شركة قوقل العالمية، ويعيش خارجها، كما تحدثت عن إدراج مجلة فورين البوليسي الأمريكية ببعض الرموز الإسلامية، فمع أن هذه المجلة تعتبر يمينية محافظة، بل ومتطرفة، لا تتوقف عن هجاء الإسلام والمسلمين، إلا أنها أدرجت بعض زعامات تنظيم الإخوان المسلمين في قائمتها لأبرز الشخصيات المؤثرة عالميا، لعام 2011، أي عام الثورات، وصدق أو لا تصدق أنها ضمنت قائمتها خيرت الشاطر، وراشد الغنوشي، ولا أظن أنني بحاجة لشرح مغزى ذلك.
من خلال الإطار سأتناول المهراجا، باسم يوسف، فهو كان يطرح بعض الأفكار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ثم فجأة تم استقطابه، والترويج له أمريكياً بشكل مريب، وشخصيا لم أقتنع يوما بموهبته الكوميدية المزعومة، فهو بالنسبة لي مهرج وحسب، وربما يعود تقييمي السلبي له إلى أن ذائقتي في الكوميديا ارتبطت بنجوم الكوميديا الأمريكيين، من شاكلة ديفيد ليترمان، وكريس روك، وروبن وليامز، وجورج كارلن، وجيري ساينفيلد، وغيرهم ممن حلق بفن الكوميديا إلى مستويات راقية، وبالتالي لا يمكن أن أستسيغ كوميديا يوسف، والتي كانت تقليدا هزيلا لبرنامج الكوميديان الأمريكي الشهير، جون ستيوارات، وغني عن القول أن معظم البرامج العربية هي عبارة عن نسخ مشوهة لبرامج غربية، وهذا هو سر عدم قدرتها على تأسيس كوميديا حقيقية مبتكرة، تتواءم مع ثقافتها، وتعبر عن همومها بكل صدق.
ما يلفت النظر في مسيرة باسم يوسف الصاروخية هي أنها ولدت خديجة، وبالتالي لم تملك القدرة على الاستمرار، إذ كانت مسيرة مؤقتة، ساهم حنق شرائح من الشعب المصري على تنظيم الإخوان في انتشارها، ولكن ما يلفت الانتباه هو أن الكوميديان الأمريكي، جون ستيوارت، تبنى باسم، وذهب بعيداً في ذلك، وبلغ الأمر درجة أن ستيوارت سافر إلى مصر، وحضر إحدى حلقات يوسف، ثم بالغ في الترويج له في الولايات المتحدة، وما يهمني هنا هو التساؤل عن سر دعم ستيوارت لباسم يوسف، في مرحلة معينة، والترويج له بذلك الشكل المبالغ فيه، ثم اختفاء يوسف بعد ذلك، إذ لو كانت موهبته الكوميدية حقيقية لاستطاع مواصلة الانتشار، ولكن هذا لم يحدث، فعدا عن بعض التشغيب المدفوع الثمن هنا وهناك، من خلال تويتر، لا تكاد تسمع له همسا، وما أتوقعه، عطفا على مسيرة يوسف، هو أنه حاليا في مرحلة راحة، وربما سيكون له دور مسيس، معجون بالكوميديا مستقبلا، فهو ليس كوميديا بالمعنى الكلاسيكي لذلك، بل مجرد مهرج يمكن تسييس دوره بمساعدة صديق، فلننتظر مفاجآته مستقبلاً.