د. أحمد الفراج
على الرغم من أن العالم يمر بمرحلة حرجة، نتيجة صعود قوى عالمية جديدة من جهة، وتطور صناعة الإرهاب، من جهة أخرى، ورغم أن الولايات المتحدة ستظل تسيطر على صناعة القرار العالمي، إلا أن هوية المرشحين للرئاسة الأمريكية القادمة لا تدعو للتفاؤل. صحيح أن أمريكا بلد مؤسساتي، ولا تتخذ القرارات فيها اعتباطا، إِذْ هي نتيجة جهد وبحث، تتولاه مراكز دراسات راقية، ولكن تظل هوية الرئيس الأمريكي أمراً مهماً للغاية، ويستطيع الرئيس، إذا كان مؤهلاً وقوياً، أن يؤثر في صناعة القرار، مثلما فعل أبراهام لينكولن، في قضية تحرير السود، وفرانكلين روزفلت، في قضية العقد الجديد، أثناء الكساد الكبير، وجون كينيدي، في قضية إقرار قانون الحقوق المدنية، وجورج بوش الأب، في قضية تحرير الكويت، وبوش الابن، في قضية غزو العراق، واحتلاله، ونظرة فاحصة على هوية المرشحين للرئاسة حالياً، لا تدعو للتفاؤل على الإطلاق.
يعتقد معظم المعلقين أن هيلاري كلينتون هي أفضل المتاح، وهذا صحيح، ولكن هناك فرق جوهري بين أن يكون المرشح جيدا، وأن يكون أفضل الخيارات المتاحة، فهيلاري تمتلك سجلاً لا بأس به، عندما كانت سيدة أمريكا الأولى، ثم عندما أصبحت عضواً في مجلس الشيوخ، عن ولاية نيويورك، ثم وزيرة للخارجية، ولكن رئاسة الإمبراطورية الأمريكية أمر مختلف تماماً، فمن يتسنم هذا المنصب الكبير، سيكون قائداً أعلى للقوات المسلحة الأمريكية، وهي الأقوى عالمياً دون منازع، ويستلزم ذلك الكثير من المناكفات مع قوى عالمية، فالرئيس باراك أوباما كان سياسياً بارعاً، في كل المواقع التي تسنمها قبل الرئاسة، ولكن هناك من يعتقد أنه رئيس ضعيف، وأدَّت سياساته الخارجية إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء القاتلة، والتي أدت إلى كثير من الكوارث التي نشاهدها الآن.
هناك من المعلقين من يعتقد أن أفضل المرشحين هو المنافس الوحيد لهيلاري كلينتون، أي برني ساندرز، ورغم أنه يبلي بلاء حسنا، إلا أن فرص فوزه بالرئاسة تتساوى مع فرص فوز شعبان عبد الرحيم بجائزة نوبل للفيزياء، وذلك لعدائه للوبيات المصالح من جهة، ولأنه اشتراكي النزعة، وهذا أمر يستخدمه خصومه لبث الرعب في نفوس الشعب الأمريكي، والزعم بأنه شيوعي سابق، وغني عن القول إنه يصعب فوز مرشح اشتراكي برئاسة معقل الرأسمالية، أما دونالد ترمب، فقد كتبت عنه كثيرا، والمرجح أن الحزب الجمهوري سيختار غيره، في مؤتمر الحزب، وهناك من يطرح أسماء بارزة للترشح بديلا لترمب، ومن ضمنها المرشح الرئاسي السابق، ميت رومني، والمتحدث باسم مجلس النواب، بول راين، ولكن هذا سيخلق انشقاقا بالحزب، ستكون نتائجه خسارة الجمهوريين فرصة الفوز بالرئاسة، والأسوأ من كل ذلك، هو أن المنافس الجدي الوحيد لترمب هو تيد كروز، وهو ليس بعيدا عن توجهات ترمب العنصرية، وبالتالي فإنه يمكن القول إن أفضل خيار متاح للشعب الأمريكي هو هيلاري كلينتون، لا لأنهم يرغبون بذلك، ولكن لأنّها ستصبح أفضل الخيارات السيئة، عندما يحين موعد الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر القادم، وربما تحصل مفاجآت ليست بالحسبان، ولكن لا يوجد، حالياً، سياسي بارز تمكن مقارنته بالرؤساء الكبار، أمثال روزفلت، وكينيدي، وبوش الأب، وبيل وكلينتون، فلينتظر الأمريكيون، حتى يحين ذلك الوقت!.