د. أحمد الفراج
فاقت ردود الأفعال على مقالي، قبل فترة، والمعنون : «من حكايات العشق والغرام» كل توقعاتي، وقرأت من ذلك أن الوعي الشعبي أصبح أعمق كثيرا مما نظن، وهناك شبه اتفاق على أن «تويتر» له دور كبير في ذلك، فقد بين حقيقة بعض من تم ترميزهم شعبيا، وكانوا يعيشون في أبراج عاجية، ويتم ترتيب لقاءاتهم، أو منشوراتهم بشكل يحافظ على الصورة المثالية المزعومة، وما أن واجهوا الناس مباشرة، وبلا رتوش وتحسينات، حتى تكشفت حقيقتهم، فعلاوة على أن معظمهم لا يتبع أحدا في تويتر!!، تجد عندهم التكبر والغطرسة على المتابعين، فهذا يسميهم «العامة»، وذلك يحتقرهم، ولا يرد عليهم، ثم هناك استخدام الألفاظ الخادشة للحياء، والغزل المفضوح، ولو لم يكن لتويتر إلا هذه الحسنة لكفى، ولا أظن أن المجلدات تكفي للحديث عن خطورة تنظيمات الإسلام السياسي، خصوصا في منطقة الخليج، والتي يراد لها أن تكون رأس الحربة في محاولات زعزعة الأمن فيها، ونشر ثقافة التطرف والعنف، وتشويه علاقة هذه البلدان بالعالم الغربي، وكل هذا وغيره نشاهده بوضوح !.
تحدثت في مقالي الآنف الذكر عن ولاءات الحزبيين السعوديين لتنظيمهم المتأسلم، وتحدثت عن موقفهم السلبي من بلدهم، وتجنبهم لذكر اسمه الرسمي، أي المملكة العربية السعودية، وكذلك صمتهم المريب، وعدم شجبهم للإرهاب الذي ترتكبه الأجنحة العسكرية لتنظيمات الإسلام السياسي، وأعني القاعدة وداعش، ومستقبلا تنظيم خراسان، والذي يقال إنه أخطر، وأشرس، وأعنف من داعش بمراحل، ولم يكد يجف حبر المقال، حتى شنوا هجوما شرسا على السياسي المصري، أحمد أبو الغيط، وكان منطلقهم في ذلك هي صورة يتداولونها له، مع سياسية إسرائيلية، وقد فعلوا ذلك، في ذات الوقت الذي دافعوا فيه عن صور لا تحصى لزعامات سياسية عربية وإقليمية تتعاطف مع تنظيمات الإسلام السياسي، أثناء لقاءات تلك الزعامات بأسوأ الزعامات الإسرائيلية، وذلك في تناقض فج، لا يفعله إلا المؤدلجين من مغيبي العقول والبصائر.
قبل أيام، أنهى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، زيارة تاريخية لمصر، وهي زيارة يصح أن يطلق عليها اسم : «زيارة بناء القواعد الصلبة»، فقد تم فيها من الإنجازات ما لا أستطيع الإحاطة به بهذا المقال، وقد احتفل المصريون والسعوديون بذلك، وحينها، وكالعادة، وقفت تنظيمات الإسلام السياسي المتأسلم، وبمساعدة من تنظيمات اليسار البائد، وحاولت التشويش والإرباك على الزيارة، ونشرت الشائعات، ولكن الوعي الشعبي العام في المملكة ومصر وقف لهم بالمرصاد، فارتدت خططهم الهزيلة عليهم، وذلك ببساطة لأن الناس أصبحت تدرك، وتفكر، وتعرف الفارق بين من يعمل لمصالحها، وبين من يستخدمها وقودا لمغامراته الحزبية، ولا يراودنا شك بأن هذه التنظيمات باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة، لأن وقودها الشعبي لم يعد يستسيغ خداعها ودجلها، وهذا بالتأكيد في صالح الشعوب العربية.