جاسر عبدالعزيز الجاسر
يخطئ من يحصر زيارة الرئيس باراك أوباما إلى المملكة العربية السعودية، وانخراطه في مباحثات ثنائية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ثم في اليوم الثاني في مشاركته بالقمة الخليجية المغربية لأمريكية، أنها رتبت لتوضيح مواقف الرئيس الأمريكي التي رافقت تصريحاته وأقواله، والتي أظهرت نوعاً من الانكفاء الأمريكي وإحجامه عن المشاركة في ترتيبات الأمن وتثبيت السلام في منطقة الخليج العربي.. وأن الرئيس أوباما يهدف من وراء زيارته التي ربما ستكون الأخيرة أثناء فترته الرئاسية التي لم يتبق منها سوى أشهر، إلى الاعتذار عما تضمنته تصريحاته من مواقف اعتبرها كثير من العرب تخلياً عن أصدقاء أمريكا التقليديين واستبدالهم بالذين ابتزوا بلادهم.
نعم قد يكون جزءاً من زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة واجتماعه بملك الحزم والعزم وقادة دول الخليج العربية هدفه توضيح ما كان يقصده أوباما، إلا أن بقاء الرئيس الأمريكي ومعه كل ما شهدناه من الوزراء وكبار المسؤولين الأمريكيين يومين في العاصمة العربية الرياض، التي يعرف الأمريكيون قبل غيرهم، أنها أصبحت مركزاً دولياً وليس إقليمياً تنطلق منه القرارات الهامة وتصاغ في قاعاتها مبادرات غيرت الكثير من المواقف، ولهذا فإن بقاء الرئيس أوباما ووزرائه من الدفاع ومسؤولي الخزانة والطاقة والأمن والتخطيط الإستراتيجي ومؤسسات مواجهة الإرهاب، ليس هدفه فقط توضيح ما تضمنته تصريحات وأقوال الرئيس أوباما، فتلك مرحلة تجاوزتها المنطقة والتي دخلت مرحلة العمل المشترك الفعّال لمواجهة ما تواجهه من مخططات وبرامج محددة لنشر الفوضى وتوظيف الأعمال الإرهابية لإيذاء دول المنطقة، وبالذات من النظام الإيراني ولهذا فإن الجانب الأعظم من وقت الزيارة هو تفعيل ما تم الاتفاق عليه في القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في كامب ديفيد، ومنذ وصول الرئيس الأمريكي أوباما إلى الرياض، بل وحتى قبل ذلك سبقته إلى الرياض مجاميع التفاوض من الجانب الأمريكي.. فبالإضافة إلى وزير الدفاع الأمريكي السيد آشتون كارتر الذي عقد سلسلة من الاجتماعات مع وزراء الدفاع بمجلس التعاون بعد اجتماعات مكثفة مع سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، كما انخرط الخبراء الأمريكيون مع نظرائهم السعوديين والخليجين الموزعين على ست فرق لدراسة وتقييم ما تم إنجازه لما أقر في قمة كامب ديفيد بعد عام من تلك القمة.. والفرق الست التي أقرتها قمة كامب ديفيد، وتعمل قمة الرياض على تفعيلها ومراجعة ما تم إنجازه حيث ستبحث وتراجع:
1 - إنشاء قوات خاصة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وستسهم الولايات المتحدة الأمريكية بتوفير خبراء للتدريب ووضع برامج مشتركة لرفع كفاءة تلك القوات.
2 - تأمين الملاحة في المياه الدولية والإقليمية للخليج العربي والبحر العربي وخليج عدن ومدخل البحر الأحمر وتسير دورات مشتركة لمنع تهريب إيران أسلحة للإرهابيين من الحوثيين في اليمن وغيرهم.
3 - وضع منظومة مضادة للصواريخ البلاستية تشكل حائط صد دفاعياً لحماية دول الخليج العربية من مغامرات العابثين في نظام ملاي إيران.
4 - بحث إجراءات فسح الأنظمة الأمريكية المتطورة لدول مجلس التعاون.
5 - دراسة أفضل السبل للتصدي لتدخلات إيران في الشئون الداخلية لدول المطقة العربية وبالذات إقليم الخليج العربي.
وهكذا فإن القمة الخليجية - الأمريكية تتجاوز مجاملات العتاب وتوضيح تصريحات وأقوال الرئيس أوباما، إذ إنها تأكيد عملي على تعزيز وتكثيف الشراكة الإستراتيجية بين أمريكا والسعودية ودول الخليج العربية وخاصة في المجال الأمني والمجال العسكري التي ستعزز ما هو قائم في مجالات الاستثمارات والتجارة والتعليم والصحة.