د. عبدالواحد الحميد
هل جدة أم القطيف هي الأعلى عالمياً في انتشار الأمراض الوراثية؟ هذا التساؤل يعني -ضمناً- أن المدينة الأعلى عالمياً في الأمراض الوراثية هي مدينة سعودية. لا أستغرب أن تكون المدينة الأعلى في الأمراض الوراثية على مستوى العالم هي مدينة سعودية وذلك في ظل انتشار عادة الزواج بين الأقارب وعدم وجود قرار رسمي يمنع الزواج بين المصابين بالأمراض الوراثية.. لكن الجدل الفني الدقيق حول هذا الموضوع هو من اختصاص الأطباء والعلماء في حقل الأمراض الوراثية.
الدكتورة روضة سنبل استشارية الأمراض الوراثية في مستشفى القطيف المركزي تقول أن الإحصائيات تؤكد أن القطيف هي الأعلى في الأمراض الوراثية على مستوى العالم، لكن الدكتورة نجلاء غفاري استشارية طب الأطفال والأمراض الوراثية في صحة جدة تؤكد لصحيفة عكاظ أن مدينة جدة هي الأعلى عالمياً في الأمراض الوراثية وتدعم كلامها بالإحصائيات الميدانية.
في كلتا الحالتين هناك ما يدعو إلى القلق، فسواء كانت جدة أو القطيف هي الأعلى عالمياً في هذا النوع من الأمراض فإن ذلك يدل على أن مجتمعنا السعودي مازال أسير عاداته وتقاليده. فالأمر الذي يعرفه حتى غير المتخصصين هو أن العلم الحديث يمنحنا الأدوات التي تساعدنا على الاكتشاف المبكر للحالات المحتملة للإصابة بالأمراض الوراثية ويمنحنا أيضاً الأدوات التي تساعد على تجنبها أو عدم حدوثها.
وقد استطاعت مجتمعات أخرى أقل منا تقدماً خفض معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية عن طريق الكشف المبكر أثناء الحمل وعن طريق تقنين حالات الزواج بين الأشخاص المصابين بالأمراض الوراثية.
من المؤسف أن مثل هذه الأمراض التي يمكن تجنبها والتي تمثل عبئاً على المجتمع وعلى ميزانيات الصحة وعلى الأفراد المصابين بها وعلى أسرهم مازالت متنشرة في المملكة حتى أصبحنا نتساءل هل القطيف أم جدة هي الأعلى عالمياً في الإصابة بها.
إن دور التوعية كبير لتقليل معدلات حدوث الأمراض الوراثية وهي تبدأ بجهود توضح للناس سلبيات الزواج بين الأشخاص المصابين بالأمراض الوراثية والتي عادة ما تتركز في حالات زواج الأقارب، كما أن بالإمكان الاستفادة من تجارب الدول الإسلامية وغير الإسلامية التي وضعت قوانين تتعلق بشأن الزواج بين المصابين بالأمراض الوراثية. وهذا يتطلب تعاواناً وتنسيقاً بين العديد من الأجهزة الحكومية. فلعل وزارة الصحة تقود هذا الجهد من أجل حماية الناس والمجتمع.