د. عبدالواحد الحميد
أثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي للمملكة مؤخراً تجوَّل في مركز للتدريب تابع لإحدى الشركات الهندية المستثمرة في الرياض، ثم أدلى بتصريحات صحفية عبَّر فيها عن إعجابه الشديد بما رأى. وقد يتبادر إلى الذهن أن رئيس الوزراء الهندي كان يجامل أو يشجع الشركة الهندية التي يتبع لها المركز، أو أنه كان يستجيب للمقتضيات الدبلوماسية عندما أشاد بما رأى في المركز في سياق إشادته بالمملكة عموماً.
لكن الترجمة التي نشرتها جريدة المدينة للخبر المنشور في جريدة «بيزنس ستاندرد» الهندية جاء فيها أن الشركة الهندية التي توظّف في مركزها بالرياض 1000 امرأة كان 85 % منهن سعوديات متخصصات في مجال تكنولوجيا المعلومات.
إن كان هذا الخبر دقيقاً فإن تلك الشركة تستحق أن يشيد بها رئيس وزراء الهند، لكن ما يهمنا التأكيد عليه هو أن مثل هذه الشركة الأجنبية التي توظِّف مثل هذا العدد الكبير من النساء السعوديات في مجال تقني متخصص هي ما ينغي جذبه للاستثمار في المملكة وليس بعض أنواع الشركات الأجنبية التي تأتي إلى بلادنا ولا نستفيد منها شيئاً، وبخاصة في مجال توظيف المواطنين.
المزايا الكبرى للاستثمار الأجنبي المباشر هي ما يمكن أن تقدّمه للاقتصاد في مجال توظيف المواطنين ونقل التقنية وأساليب التنظيم والخبرة الإدارية، وإلا فليس هناك جدوى حقيقية منها حتى لو حققت أرباحاً كبيرة تذهب إلى جيوب أفراد محليين أو أجانب.
نحن لسنا بحاجة إلى شركات أجنبية تستثمر في بلادنا فتبني مصانع تلوث بأبخرتها أجواءنا وتزيد عدد العمالة الوافدة في بلادنا فوق ما هي فائضة وتنافسنا في استهلاك مواردنا الناضبة وتتمتع بالحوافز التي تقدمها الحكومة ما لم تحقق لنا المزايا المأمولة من الاستثمار الأجنبي في توظيف المواطنين ونقل التقنية وأساليب الإدارة الحديثة.
وقد مر زمنٌ على بلادنا كانت الأفراح تُقام لمجرد نشر تقارير عن تزايد عدد المستثمرين الأجانب العاملين في بلادنا حتى لو كانت استثماراتهم لا تقدّم لاقتصادنا المحلي أي قيمة مضافة، بل هي عبء على كاهل الاقتصاد وعلى المواطنين الذين تزاحمهم في أرزاقهم.
هناك من يعتقد أن مجرد وجود شركة أجنبية تعمل في البلاد هو مكسب، وهذا غير صحيح. فالشركات الأجنبية تبحث عن مصالحها وهذا من حقها ولكن من حق البلاد التي فتحت أبوابها لتلك الشركة وقدمت لها الحوافز أن تتقاسم معها المصالح.
نحن نريد شركات أجنبية توظّف السعوديين والسعوديات وتخفض معدل البطالة في البلد وتجلب معها التقنية والإدارة الحديثة، وهي أمور أهم من الضرائب وما سواها. هذا ما نريده.