د. عبدالواحد الحميد
من أعجب ما أسمع في هذه الأيام ما يردده بعض الإعلاميين المصريين بشأن جزيرتي صنافير وتيران السعوديتين بعد توقيع المملكة وجمهورية مصر العربية الشقيقة على اتفاقية لتعيين الحدود البحرية بين البلدين.
يقول أحد الإعلاميين المصريين إن الجزيرتين مصريتان حتى لو أثبتت جميع وثائق الدنيا وعلماء الجغرافيا وخبراء الأمم المتحدة والبرلمان المصري أنهما سعوديتان، وأن الحالة الوحيدة التي يمكن القبول بها هي إجراء استفتاء يوافق بموجبه الشعب المصري على أن الجزيرتين سعوديتان!
هذا الإعلامي الذي يُطل في برنامج يومي تبثه إحدى القنوات الفضائية المصرية الخاصة دأب على مهاجمة السعودية بصرف النظر عن أي قضية مطروحة، وهو منذ توقيع الاتفاقية بين المملكة ومصر لا يشغله إلاَّ موضوع صنافير وتيران ويحشد في برنامجه الأصوات التي تتفق مع وجهة نظره وتتحدث عن الجزيرتين باستعلائية لافتة وتهميش للرأي الآخر الذي لا يتفق مع طرحه!
هو يقول إن الرأي المقبول الوحيد هو ما تفرزه نتائج استفتاء يوافق من خلاله الشعب المصري، لكنه لم يقترح أيضاً أن يتم استفتاء الشعب السعودي ولم يخبرنا ماذا ستكون النتيجة لو نجح الشحن الإعلامي وتم الاستفتاء في مصر ولم يوافق الشعب المصري على إعادة الجزر السعودية وتم إجراء استفتاء متزامن للشعب السعودي وأصر السعوديون على استعادة الجزر!
هذا المنطق الغريب الذي لا يعترف بالوثائق ولا التاريخ ولا الجغرافيا ولا كل المعلومات التي مصدرها مصر قبل غيرها هو منطق يبحث عن الفتنة وكأن عالمنا العربي بحاجة إلى المزيد من الفتن والحروب والمشاكل!
لقد وضع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي النقاط على الحروف عندما قال إنه طلب من الجهات المعنية في مصر منذ شهر يونيو 2014 أن تقدم له ملفاً عن موضوع الجزيرتين وأنه «طوال هذه الفترة قامت وزارات الخارجية والدفاع والمخابرات العامة بدراسة الموضوع والرد عليه» وأن «القانون واضح في مثل هذه المسائل، وأنه تم الرجوع إلى كل الأطراف ذات الصلة» وأن «كل الوثائق والجلسات الأحد عشر التي عقدتها اللجان الفنية أثبتت أن هاتين الجزيرتين سعوديتان»، كما قال الرئيس المصري أن «ترسيم الحدود البحرية يخضع إلى معاهدات دولية وقواعد محددة» و»أننا لم نفرط في حقنا ولم نفرط في ذرة رمل واحدة وأعطينا الآخرين حقوقهم».
من المؤسف أن بعض الإعلاميين الشعبويين لا يتردد في أن يلعب بالنار حتى في أحلك الظروف، لكن العلاقة الأخوية بين المملكة ومصر ستبقى بفضل الله كما هي دائماً راسخة تتحدى الأصوات النشاز وهذا ما تعكسه التصريحات والكتابات والمقابلات المنصفة التي نسمعها ونقرأها ونشاهدها عبر معظم وسائل الإعلام المصرية.