إبراهيم عبدالله العمار
لا نزال في سلسلة البحث عن مدينة إرم ذات العماد المفقودة، وهي رحلة للمستكشف الأمريكي نيكولاس كلاب يبحث فيها عن أطلال عاد، ووقفنا الأسبوع الماضي عند اكتشافهم جداراً طويلاً يثير العجب في هيئته، فهو يمتد من مبنىً صغير مثل حصنٍ متهدم ويستمر بشكلٍ مستقيم ثم ينحرف فجأة مثل حدوة الحصان ثم يكمل طريقه المستقيم، وتوقع عالم الآثار أن مكان هذا برج، وقال إنه لا شك أن هناك أبراجاً أخرى لو أكملوا التنقيب هناك في قرية شصر العمانية عند طرف الربع الخالي.
أثارت فكرة الأبراج حماسهم، فأكملوا التنقيب متحرقين أن يجدوا المزيد وفعلاً كما توقع عالم الآثار وجدوا آثار برجٍ ثانٍ هناك، وثالث، ووجدوا المزيد من الجدران، وظهر لهم أن الجدار والأبراج جزء من قلعة ضخمة اندثرت، لكن مرة أخرى يظهر السؤال: ماذا كان يفعل قوم عاد هنا في هذه الصحراء؟ الربع الخالي منطقة موت، من أعنف وأقسى مناطق العالم كاملاً. والجواب أن الربع الخالي لم يكن كذلك منذ القِدم، بل أظهرت صور الأقمار الصناعي أن شمال شرق شصر كان هناك نهر كبير بطئ الجريان. إنسان العصر الحجري وهي فترة استمرت أكثر من 3 ملايين سنة وانتهت قبل قرابة 5 آلاف سنة انجذب لضفاف النهر وبنى عندها حضاراته، وعندما توقف جريانه يبدو أن قوم عاد – الذين أتوا بعد انتهاء العصر الحجري - خيّموا هناك رغم ذلك لأن الأرض لا زالت خصبة وكانت واحة مترامية الأطراف.
لما انتشرت أخبار الاكتشافات أتى الكثير من العلماء الشباب الذين تبرعوا أن يساعدوهم في الاستكشاف. أحدهم أتى وبدأ التنقيب وفي أول 20 دقيقة من تنقيبه التمع أمامه سناً أزرق أخضر، وإذا به إناء روماني رائع. بعد المزيد من التنقيب هناك اتضحت الملامح العامة لأسواق قوم عاد، مثل أكشاك صغيرة متصلة بجدار القلعة. وجدوا بقايا 5 أبراج، وتوقع عالم الآثار أن هناك 2-3 مخفية تحت الرمال. الأبراج العالية .. هل هي العماد التي أعطت إرم اسمها الشهير؟
جمعوا آلاف الآثار من الخزف المكسور والخرز والأساور وأواني زجاجية وأجزاء من مباخر. بعض القطع محيرة، ففي أحد الأماكن الذي يبدو أنه مخزن أو متجر وجدوا شيئاً مصنوعاً من حجر رملي وهذا غريب لأن هذا النوع من الحجر لا يوجد في شصر أو حتى قريبا ًمنها، وتوقع عالم الآثار أنه رمز ديني، ربما شئ يُعبد.
في إحدى الغرف التي اكتشفوها أخذوا ينقبون وظهر لهم من الرمل شئ، وأخذوا يتأملونه، فقال بعضهم: «إنها مبخرة». وهذا منطقي، لأن قوم عاد تاجروا في البخور في ما يبدو، وهناك بساتين بخور في تلك المنطقة، وقد وجد المستكشفون بقايا مباخر. لكن بعد المزيد من التفحص اكتشفوا أنه قنديل أضاء قوم عاد قلعتهم بالقناديل ليلاً، ومنها هذا، حتى إذا أتتهم الريح العقيم سقطت جدران وأبراج قلعهم وحتى هذا القنديل، سقط .. وانطفأ.. كما انطفأت أمة كاملة للأبد.
من الأعاجيب التي اكتشفوها...أسطوانة صغيرة، طولها 7 سم. وقفوا أمامهم مدهوشين مشدوهين. لماذا يا ترى؟ سنرى الأسبوع القادم.