إبراهيم عبدالله العمار
قمة إفرست، كم مرة سمعنا بها؟
كثيراً جداً. أتذكر أول مرة سمعتها طفلاً، ذكرها لي زميل في المدرسة كأعلى قمة في العالم. نسمع عن الناس الذي يحاولون تسلق القمة، كإنجاز، كتحدٍ للذات، لكن هل تعلم ما يحصل في القمة؟
أشياء كثيرة، شاقة وأليمة، لذلك فلا يستطيع الشخص تسلّق القمة إلا بعد أسابيع وأشهر من التدريب والتأقلم، وقمة إفرست - والتي ترتفع قرابة 9 كم عن سطح الأرض - هي النقطة التي لا يستطيع البشر أن يتجاوزوها بدون أجهزة، لو كان هناك ما هو أعلى منها. و حتى إفرست لا يصل لها المتسلق إلا بشِقّ الأنفس ويكاد يقترب من الموت، فكل خطوة للأعلى تشبه ماراثوناً في عُسرها، ويصف المتسلقون المشقة العظيمة في تلك المسافة الأخيرة قبل القمة، فيمشي المتسلق ببطء.. خطوة.. خطوة.. خطوة.. بين كل خطوة والأخرى أنفاسٌ سريعة شاقة تحاول تعويض «دَين الأكسجين» الذي يحصل عندما يكون الشخص في مكان ينقصه هذا الغاز، فهنا يعاقِب الارتفاع العالي رئتيك، وبعنف! وتنفُّس الناس لو سمِعتَه مثل بالشهيق الشديد.
حتى بعد أسابيع من التأقلم فإن جسد المحترف بالكاد يقدر على هذا. أما الشخص العادي لو وُضِع على هذا الارتفاع فإنه «سيتعطل» تماماً في أقل من 30 ثانية ولن تقدر رئته أن تتحمل، وهذه مشكلة فعلية حتى إن الحكومة النيبالية قررت عام 2015م منع المبتدئين وكبار السن والصغار والمعاقين من صعود القمة، لأنهم أكثر عرضة للموت في تلك الظروف القاسية، رغم أن تسلق إفرست تجارة مُربحة، فأدوات التسلق لوحدها تكلّف ما لا يقل عن 8 آلاف دولار (30 ألف ريال)، هذا غير أنبوبة الأكسجين التي يحتاجها الكثير والتي تكلف 3 آلاف دولار (11 ألف ريال)، ناهيك عن أن تكلفة الإذن الرسمي من الحكومة النيبالية بالدخول للشخص الواحد يمكن أن تصل إلى 25 ألف دولار (94 ألف ريال)!.
إذا كنت ترغب صعودها فلست وحدك، فمنذ أن دخل النيوزيلندي إدموند هيلاري والنيبالي تنزنغ نورغاي كُتُب التاريخ كأول اثنين صعدا إفرست فإن الكثير حاولوا التسلق، بعضهم نجح (أكثر من 4 آلاف شخص صعد القمة حتى الآن)، وبعضهم مات محاولاً، ليس فقط بسبب نقص الأكسجين والانهيارات الثلجية والسقوط وفشل المعدات وغير ذلك من المشكلات بل حتى من عائقة أخرى لا يفكر فيها أحد: الزحام! الكثير من الناس حول العالم جعلوا من تسلق القمة هدفاً لحياتهم ولو ذهبتَ تتسلق لوجدت الكثير جداً من الناس وهذا الزحام خطر وقد تسبب في وفاة أناس، وفي عام 2013م حصلت مشاجرة ضخمة اشترك فيها مئات الناس على ارتفاع 7 كم! هذا الزحام أيضاً من أسباب قرار الحكومة النيبالية المذكور بالأعلى بالمنع.
طبعاً بعد أن تتعدى كل تلك المشاق والمخاطر.. فإن إحساس الإنجاز سيكون رائعاً ولا شك، وسيصير من أعظم إنجازات حياتك.
عرفتَ المخاطر الآن وتقدر أن تتجنبها، فهيّا.. شمّر عن ذراعيك وتسلّق!