عروبة المنيف
يلعب الإعلام المرئي دوراً كبيراً في التأثير الجماهيري وخصوصاً عند فئة الشباب والمراهقين مع انتشار الوسائط الاجتماعية وتطبيقاتها المختلفة، وتشكل الفئة الشبابية شريحة كبيرة من الجماهير في الوطن العربي بشكل عام والجماهير الخليجية بوجه خاص.
من هنا يتوجب من القائمين على القنوات الفضائية وغيرها من قنوات مرئية أن يضعوا بعين الاعتبار أهمية توجيه النشء التوجيه الصحيح واختيار البرامج التي ترفع من مستوى الذائقة الفنية للمشاهدين، إضافة إلى احتوائها على المشاهد التي ترفع من مستوى القيم والمعايير الاجتماعية الفاضلة.
إن الجلجلة الإعلامية التي أحدثها برنامج «الملكة» للفنانة أحلام، وإيقاف البرنامج بقرار من القناة التي بثته «قناة دبي» بعد الحلقة الأولى فقط من عرضه، وذلك نزولاً عند رغبة المشاهدين، يجعلنا نتفاءل بديمقراطية عربية وربيع عربي حقيقي فضائي، فقد أحدث البرنامج سخطاً جماهيرياً وعتباً كبيراً على القناة «المحترمة والرائدة» في بث كهذه البرامج التي تعمل على تسطيح ذائقة الجماهير والاستخفاف بها وإهانتها، حيث يحتوي البرنامج على إهانة علنية للقيم والأخلاقيات المجتمعية بمساهمته في الترويج «للعبودية البائدة» من خلال ممارسة «الفوقية» و»النرجسية» عند تعامل أحلام مع المشاركين والمشاركات في محاولاتها غير اللائقة لتعظيم «الأنا» لديها.
لقد تصدر هاشتاق «إيقاف-ـ ذاـ-كوين ـ مطلب ـ شعبي» قائمة الهاشتاقات، ما أدى إلى اتخاذ قرار الإيقاف من قبل قناة دبي مراعاة لمشاعر الجماهير بحسب تصريح القناة، وتعد قناة دبي من القنوات التي تحظى بثقة المشاهد الخليجي.
إن الخطوة التي قامت بها قناة دبي هي خطوة رائدة من حيث النزول عند رغبة المشاهدين على الرغم من الخسائر التي تكبدتها لإنتاج البرنامج والبالغة ستة ملايين دولار، وبلغ أجر أحلام منها ثلاثة ملايين دولار!.
تلك الجلجلة الإعلامية وقرار الإيقاف من المأمول أن يكون درساً مفيداً ونقلة إلى مرحلة أكثر وعياً ومسؤولية في اختيار البرامج مستقبلاً قبل إنتاجها وتكبد الخسائر عليها. فدراسة فكرة البرنامج أولاً وقبل البدء بأي خطوة تعد الانطلاقة الأولى. فإذا كانت الفكرة تنشر قيماً سامية وعقلانية، وترفع من الذائقة العامة والأخلاقيات المجتمعية كان بها وإلا لا مكان لها.
شكراً لقناة دبي على الديمقراطية الفضائية وعلى التجاوب الذي بدر منها حين الأخذ بأصوات جماهير المشاهدين، ونأسف على التكاليف التي منيت بها سواء كانت تكاليف مادية أو معنوية، ولكن نقول «لكل جواد كبوة» والاعتراف بالخطأ والرجوع للحق من أخلاق الكبار، فـ»النجاح ليس عدم فعل الأخطاء بل النجاح هو عدم تكرار الأخطاء» برناردشو.