عروبة المنيف
هذا العام كان يوم المرأة العالمي مختلفاً عن كل عام لا أدري ما السبب ولكن لربما كان حجم التعاطف مع النساء قد ازداد، أو أن المرأة أصبحت أكثر وعياً في الشعور باستحقاقاتها، أو أننا تعلقنا بوسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير إلى الدرجة التي انهالت
علينا التبريكات والإنجازات والأخبار النسوية من كل حدب وصوب مع كل ما تحمله تلك الوسائط الاجتماعية من أخبار وتعليقات تثير الشفقة أو الفخر لدى النساء في أجزاء متفرقة من هذا العالم.
على سبيل المثال كان الشعار ليوم المرأة في هذا العام «8 مارس 2016» هو «كوكب الأرض 50/50 بحلول عام 2030»، بمعنى، إن الهدف هو تحقيق المساواة الكاملة في جميع المجالات الحياتية بين الجنسين وإزالة جميع أشكال التمييز الممارسة ضد المرأة بعد أربعة عشر عاماً من الآن!.
ما أحزنني في تلك الأخبار والتعليقات التي انهالت علينا بل ودمعت عيناي عند قرائته، ذلك المقال الذي نشر في مجلة البي بي سي بمناسبة يوم المرأة العالمي بعنوان «خمس صور تكشف كيف تعامل المرأة» وقد أخذت الصور من أجزاء متفرقة من هذا العالم!.
كانت الصور الأربع تكشف عن عدة أوجه، أولها عن ارتفاع الذائقة النسائية من الصين والثانية عن مدى عطف المرأة وحنانها من اليونان والثالثة عن استماتة المرأة في الدفاع عن بيتها وحقها في إخلاص شريكها لها من كولومبيا والرابعة تتعلق بمواجهة الأفكار التقليدية المتعلقة بجمال المرأة من أمريكا أما الصورة الخامسة وما أدراك ما الخامسة! إنها صورتنا، صورة فتاة النخيل وهي منبطحة على الأرض وتتعرض للضرب من قبل أحد رجال الهيئة!، لقد كانت أكثر الصور إيلاماً ووحشية بحق نساء الأرض وأكثرها شفقة، جميع الصور السابقة كانت تحوي معاني معبرة عن المرأة كذائقتها وعاطفتها وكرامتها ودفاعها عن بني جنسها، إلا الصورة التي التقطت من هذا الجزء من العالم الذي نعيشه!.
نتعرض باستمرار للهجوم من الإعلام الخارجي، ونشر تلك الصورة أو غيرها ليس بجديد من قبل الإعلام العالمي وخصوصاً في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي حيث أصبحنا نحمل نافذة على العالم بين أيدينا على مدار اليوم نطل من خلالها على شعوب وثقافات وأخبار عالمية، إننا جزء من ذلك العالم أيضاً فنحن لا نستطيع إخفاء عيوبنا وقبحنا بالمساحيق التجميلية من خلال المنتديات والمؤتمرات والبعثات الدبلوماسية والمنابر في الخارج وغيرها من أساليب ومجهودات ضائعة مصممة للساسة فقط، بينما عامة الناس يطالعون حدثاً ما من واقع المكان «كحدث فتاة النخيل»!.
إن تجاهل تلك الأحداث المؤلمة بحق المرأة هو كارثة بحق بلدنا وسمعتها العالمية والتحرك بات مطلباً ملحاً من أجل عدم تكرار تلك الأحداث المشينة ليس في حق المرأة فقط بل بحق بلد بأكمله رجالاً ونساءً، تلك الأحداث تنسف كل المجهودات والأموال التي تنفق من أجل تحسين صورتنا في الإعلام الخارجي!.
منذ فترة كنت في إحدى الدورات التدريبية وكانت المتدربات «الهنديات» في حالة صدمة عندما بدأت أعطي صورة مشرفة عن وضع المرأة لدينا، صحيح أننا لا نقود السيارة ولا نستطيع السفر إلا بمحرم ولدينا وصاية ذكورية.. الخ ولكن على الرغم من كل تلك المعوقات أنجزنا وساهمنا في نهضة وطننا، لم يستوعبوا ما قلت وكرروا على مسامعي ما يحصل من تجاوزات من قبل السلطة الدينية على النساء وتساءلوا كيف تستطيعون العيش من دون حرية التنقل وكيف وكيف...
شعرت بالأسى من مجادلة أولئك السيدات «الهنديات» القاطنات في مدينة دبي «جارتنا الشقيقة»! ومن تلك النظرة السوداوية التي يحملونها عنا وأنهيت الحوار الذي سبب لي توتراً لبضع ساعات قادمة وتعبت من الوساوس التي انتابتني وبدأت في محادثة نفسي وتكرار بعض العبارات في ذهني «متى نقود؟، متى أصبح إنسانة كاملة الأهلية كالرجل تماماً؟ هل الأربعة عشر عاماً القادمة كفيلة بحلحلة عقدنا المتشابكة؟ لربما أو لربما يستمتع بذلك بناتنا في أجيال قادمة!.