عروبة المنيف
تلك الابنة العربية التي حاولنا بكل ما نملك من إمكانيات متاحة أن نعيدها إلى رشدها وتعقلها، أغدقنا عليها الكثير من الأموال والهبات والمساعدات سواء المادية أو المعنوية لتقوم بعمليات تجميلية بعد أن دمرت بأيدي بعض أبنائها
وأنهكت وتشوهت في حرب أهلية لم ترحم فيها نفسها ولا أبناءها المولودين في ظل الحروب والفتن والفساد، فتهورت ودخلت في سراديب مظلمة تحالفت فيها مع الشياطين ممن لا يريدون منها سوى سلبها جمالها وشبابها وحيويتها وخيراتها. وفي ذروة دمارها لم يهن علينا رؤيتها في ذلك المستنقع فمددنا أيدينا إليها لنشلها من ذلك الوحل الذي غطست فيه إلى حد الانتهاك الإسرائيلي لقلبها النابض بيروت.
استضفناها هي وأبناءها في أجمل مصائفنا «الطائف» ليشهد اتفاقاً أعاد إليها الصبا والجمال والحيوية والشباب من جديد، على أمل أن تراجع نفسها وتعالج أخطاءها لتعود مزدهرة كما كانت. لم تكن نيتنا الاستحواذ على الدولة ومقدراتها بل كانت نية صافية في المساعدة وإعادة ابنة عربية تعلق الفؤاد بها فقد ضلت الطريق والواجب يحتم علينا كأسرة عربية واحدة أن نقوم بواجبنا تجاهها حسب مقدراتنا في مساعدتها ومناصحتها وفسح المجال لها بالعودة لتفتح بصيرتها وتعرف عدوها من صديقها.
لقد نجح اتفاق الطائف وانطلقت تلك الابنة العربية من جديد في مغامراتها الجديدة المتهورة لنكتشف أنها قامت بعمليات تجميلية من الخارج ولكن من الداخل كان السوس ينخر في جسدها فقد سمحت لفريق من أبنائها العاقين المتهورين للعب في مصيرها وفي مصير الأمة العربية كلها، فهي منهكة من حرب أهلية أكلت معها الأخضر واليابس فأعطته الضوء الأخضر ليعبث بها وبمقدراتها وبمستقبلها العربي.
ولكن على الرغم من جميع التجاوزات والانتهاكات والمخالفات لميثاق الشرف العربي لم نتركها تواجه مصيرها لوحدها مع أولئك الأبناء العاقين بل استمرت المساعدات والهبات والتدخلات الدبلوماسية والسياسية من «اتفاق الطائف» إلى «اتفاق الدوحة» وغيرها الكثير ما جعلها قادرة على الصمود في وجه الصراعات والنزاعات الإقليمية التي يحيكها أولئك الأبناء «الخائنون»لها ولمحيطها العربي، فقد كانت شغلنا الشاغل وابنتنا التي لم نلدها.
حذرناها مراراً وتكراراً من خيانة أبنائها المتهورين المتنفذين وأنهم سوف يجرونها معهم إلى الهاوية ولكن «لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي « فقد كانت تأخذ أموال المساعدات والهبات لتنفقها على العمليات التجميلية الظاهرية بينما داخلها كان قد أكله السوس ولا من مجيب أو أي تحركات على أرض الواقع سوى نكران للجميل بردود أفعال توجت من «وزير خارجيتها» أقل ما يقال عنها بأنها خيانة للشرف والأمانة، فمثل الذي خان وطنه وباع بلاده كمثل الذي» يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافؤه».
لبنان دولة عربية ذات سيادة وليس من اللائق احتضانها ورعايتها وهي ذراع إيران في المنطقة وتقف في وجه المصالح العربية المشتركة، وكان لا بد من التحرك والحزم لتتحرك تلك الابنة وتعود إلى بيتها العربي الذي طالما احتضنها ورعاها واحتواها في أزماتها لتقف في وجه ابنها الضال العاق الذي عبث وما زال يعبث بمصير أمه ومصير الأمة العربية كلها.
إن الابنة اللعوب أصبحت الآن أماً «ثكلى» فقد سمحت للفاسقين والأعداء باقتحامها وتدنيسها ليتآمروا مع أبنائها «الخائنين» عليها وعلى أمتها العربية، فكانت النتيجه أماً «منهكه» مادياً وجسدياً ونفسياً، مشوهة داخلياً وخارجياً فالسوس الداخلي بدأ في الخروج ليطفح للخارج فهذه رائحة النفايات تفوح منها في كل الأرجاء والقادم أنكى وأمر إذا لم يكن هناك تحركات منها ووقفة جادة وحاسمة.
لن ينشل لبنان من المستنقع الحالي الذي ولغته مرة أخرى برجليها سوى مقدرتها هي على مواجهة أبنائها العاقين وإيقاف عبثهم لتقول لهم كلمة شرف في زمن أصبحت فيه كلمة الشرف غالية وعصية على النطق وتصيب اللسان بالشلل!! ولكن لاشيء يقف في وجه الكرامة والعزة والشرف.