سام الغُباري
فكرة التحالف الإسلامي العسكري التي أعلنها سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان - في مؤتمره الصحفي الأول أحدثت تداعيات كبيرة على مستويات دولية مختلفة، حيث جاء الترحيب من الدول الأكثر رغبة في استقرار منطقة الشرق الأوسط، ووصل القلق إلينا من دول الميليشيا الطامعة في تكوين إمبراطورية استعمارية جديدة على حساب خارطة المنطقة الجغرافية ووجود شعوبها المتنوّعة، وإقحامها في رمال متحركة من الفوضى التي ابتلعت أنظمة سابقة وأبرزت أنظمة جديدة وشخصيات جماهيرية حملتها عواصف الربيع السابق.
- لا تحتاج المنطقة العربية إلى تجريف الجيوش واستغلالها في صراعات داخلية أو خارجية، لأن الفوضى الحقيقية التي انتهجتها معارك الأعوام السابقة دمرت عدداً من جيوش الدول العربية ومنها اليمن التي ابتلعت ميليشيا الحوثيين جيشها وحولته إلى عصابات مسلحة تثير الرعب والفزع في أغلب المحافظات والمناطق، وفي سوريا أيضاً التي تورط جيشها في حرب مع الشعب الذي يرفض خيارات بقاء الرئيس الأسد في السلطة، وفي ليبيا التي مات رئيسها مندهشاً من نهايته غير السعيدة.
- لنقرأ الخارطة الآن، السعودية تقاتل بحماس في كل الجبهات، هي وحدها تعرف ما الذي يدور، وحولها تدور الدول الخليجية كالكواكب، ويجب أن يدور الجميع أيضاً في هذه الأيام التاريخية، فالقوة التي يمكن للتحالف الإسلامي العربي امتلاكها قادرة على تعزيز إمكانيات الدول الضعيفة المشاركة في الحلف وتأمين حدودها وتثبيت استقرارها، ومنع التدخلات والهيمنة التي تمارسها بعض الدول التسلطية في المنطقة ومنها إيران تحديداً. ومع تعزيز مبدأ القوة الرادعة، لإرهاب الفضوليين والمتآمرين يبرز نص إلهي يشكِّل مرجعية ذات بُعد أخلاقي وديني وواقعي، يقول الله تعالى {وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم}.
- هنا فقط، أعتقد أن تطوير فكرة التحالف العسكري والأمني ينبغي أن تتقدم وتُشكل حلفاً أكثر اندماجاً ومسؤولية، وينشئ معه قيادة مركزية للتحالف، ومنطقة عسكرية دائمة، هذه القوة الإضافية ستمنح كل أعضائها القوة اللازمة لتحقيق الاستقرار الداخلي وضبط الأمن العام، وتبادل المعلومات الاستخبارية، وما إلى ذلك من الأداء الحربي الفاعل والرادع.
- تمثّل «رعد الشمال» المناورة العسكرية الأولى التي يمكن وصفها بأنها تمثّل بعض أجزاء التحالف أو أفكاره، لكنها ما زالت بحاجة إلى الكثير من الجهد للوصول بها إلى تأمين قوة العرب وإخوانهم المسلمين بيد لا ترتعش، قادرة على بناء قوة عملاقة من الجيش الموحّد تسهم في الشراكة من أجل السلام والاستقرار لكافة دول المنطقة، وإبعاد أصحاب اللسان الطويلة عن جغرافيتنا النظيفة التي لا تقبل ولغ النجاسة في إنائها الطاهر.
- جميعنا بحاجة إلى تطوير خططنا بمنهجية ثابتة، والاستفادة من الظروف الحالية لتشكيل قوى عربية وإسلامية متعددة سواء من ناحية التكتلات الكونفيدرالية، أو المعاهدات الاقتصادية والإعلامية، والجبهات الثقافية والفكرية، والتحالفات العسكرية والأمنية.
- نحن نشعر بالخطر، وغريزة البقاء تدفعنا إلى المكوث معاً في قارب واحد للنجاة من طوفان الشيطان ومحور الشر، وعلينا اقتناص الفرصة التاريخية للمحافظة على جيوشنا العربية وتماسكها وتوحّدها لتشكل حاجزاً للصد من كل من قد ينشب أظافره في أجسادنا، ويلتهمنا في الظلام واحداً تلو آخر.
وإلى لقاء يتجدد.