صيغة الشمري
انتشر مقطع مصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأحد الآباء وهو يضرب أبناءه وأبناء أخيه عقوبة لهم على لعبهم الكرة في مجلس البيت، طريقة الضرب كانت موجعة جداً وتوسل الأطفال وبكائهم كان أكثر وجعا، أعرف أن جميع الأمهات في كل مكان شعرن نفس مشاعري عندما شاهدن المقطع وأصابتهن حالة من الذهول والصدمة على رجوع المجتمع لعصور تربوية مظلمة تجعل العصا هي الوسيلة التربوية الأولى والأهم، الكارثة الأكثر وجعا هي احتفاء الملايين من الشعب السعودي بالمقطع حيث يجلد الأطفال ويتلفظ عليهم الأب بألفاظ لو قالوها
هم أو قالها طفل بأعمارهم في مدرسته لتم عقابه، الأطفال لا يعرفون حقوقهم، وعلينا أمانة ومسؤولية حمايتهم حتى وإن وافقوا وظهرت عليهم السعادة, فهذا لا يبرر لنا تعريضهم لمثل هذه المواقف لأنهم باختصار أحداث وقصر لا يجوز أن نستغل صغر سنهم في ضياع حقوقهم، كما أن الشركات التجارية التي سارعت, لتكريم الأب أو الأبناء لا أعرف ماذا تريد قوله من هذا التكريم؟! لماذا ربطت اسمها التجاري بشخص أثار استياء الكثير من الآباء والأمهات، أم أن الشهرة أصبحت هدفا بغض النظر عن نزاهتها وسمو رسالتها، لا أعرف لماذا تذكرت مقولة لرئيس وزراء ماليزيا وأحد رواد نهضتها عندما قال إنه في التعليم ينظر باتجاه اليابان، ولم يخجل من استحضار التجربة اليابانية في التعليم بحذافيرها مما قفز بماليزيا إلى مصاف الدول المتقدمة عالمياً ورفع اقتصادها وجعل لها هيبتها بين جميع دول العالم، ما حصل من هذا الأب كان فرصة للتعليم ولجمعية حقوق الإنسان إثبات وجودهما للدفاع عن كرامة الأطفال والقضاء على التعنيف الذي يصل إلى حد القتل في بعض الأحيان وكف يد بعض الآباء المتهورين، تقبلنا ما فعله هذا الأب وبعضنا دافع عنه بحجة أنهم قد تم ضربهم في طفولتهم، تقبلناه لأننا مجتمع لا يهتم بما يقوله العلم أو العقل بقدر ما يهتم بالتمسك بتقاليده حتى لو كانت هدامة!
علينا أن نسارع لشجب ما أكده المقطع وأن نعقد عشرات المحاضرات الدراسية للتلاميذ لتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، وتعزيز كرامتهم ورفع معنوياتهم وطموحهم، لأن ما حصل الآن من تكريم للأب وللأبناء هو تعزيز وتلميع للصورة الذهنية حول ضرب الأطفال، مما جعل البعض يتجرأ ويطالب بعودة الضرب إلى المدارس لندخل في تكرار أخطاء سابقة أنتجت أجيالا (مضروبة) خالية من التحدي والإصرار غير متفاعلة مع المستقبل بشكل كبير، الدول التي سيطرت على العالم بواسطة قوة تعليمها تجرم الضرب بكافة أنواعه وتشدد على حقوق الأطفال ولا تسمح لأي مخلوق بأن يهين طفلاً، ومن الغباء أن نأتي نحن ونضع قوانين عكس قوانينهم ليستمرون هم في المقدمة ونقبع نحن في الذيل لأننا لا نتعظ من تجارب الآخرين، باختصار: طالما نحن عقول تقر بضرب الأطفال كنوع من التربية لن ننتج أجيالا تفيد البشرية!.