حمّاد السالمي
* انتقلت حملة التحالف العربي ضد المتمردين على الشرعية في اليمن؛ من (عاصفة الحزم)؛ إلى (عملية إعادة الأمل)، ومع أن العملية تقترب اليوم من دخول العاصمة صنعاء بعد تعز؛ وتطهير كافة المحافظات والمديريات المتبقية؛
إلا أن مليشيات الحوثيين والمخلوع صالح؛ تصر على الوقوف في وجه الأمل؛ وتعمد إلى تعزيز الشعور بالألم؛ عند كافة الأسر المنكوبة تحت سيطرتها وغلبتها.
* من الواضح أن سحق الحركة وخروج المخلوع علي عبد الله صالح من اللعبة أصبح وشيكًا، فلماذا كل هذا الإصرار والعبث باليمن أرضًا وشعبًا..؟! هل يستحق الشعب العربي اليمني كل هذا التخريب..؟!
* الحوثيون في اليمن؛ هم فئة (باطنية طائفية)، وحركة فكرية وعسكرية متمردة, نشأت في صعدة شمالي اليمن، وانشقت فكريًا ومذهبيًا عن المذهب الزيدي، وسارت على نفس المنهاج الذي تبناه حزب الله في لبنان ذو المرجعية الفكرية والدينية والسياسية الموالية لطهران. والحوثيون تشبعوا بأفكار وعقائد الرافضة الاثني عشرية، وتسموا في البداية بـ (تنظيم الشباب المؤمن)، ثم (أنصار الحق)، ثم تسموا بعد ذلك بـ (أنصار الله) على غرار (حزب الله).
* يُنسب الحوثيون إلى (بدر الدين الحوثي)، فهو زعيمهم الفكري والروحي الذي أسس هذه الفئة، وقد نشأ زيديًا جاروديًا، ثم أعلن تحوله إلى الفرقة الرافضة الاثني عشرية بعدما رحل إلى طهران وأقام بها عدة سنوات، فمال إلى مذهبهم، وتبعه الحوثيون في ذلك. كان قائد أول تمرد للحركة حسين بن بدر الدين الحوثي، وهو الابن الأكبر لبدر الدين الحوثي الذي أسس (حزب الحق) سنة 1990م مع مجموعة من الشخصيات الحوثية الزيدية, ثم جاء تحوله للمذهب الرافضي أيضًا؛ بعدما رافق أباه في زيارة إيران، وبعدها زار منفردًا حزب الله في لبنان، ثم عاد ليكرر نفس النموذج اللبناني. فأسس تنظيم (الشباب المؤمن) سنة 1991م.
* ويُعتبر حسين الحوثي المؤسس الحقيقي للحوثيين، لتميُّزه في تجميع الناس حوله، وقدرته الاستيعابية للأتباع وخصوصاً بعدما نال العديد من الدورات الأمنية والسياسية في لبنان عند حزب الله، ولارتباطه أيضاً بالحرس الثوري الإيراني, وكانت تظهر عليه علامات التأثر الشديد بالفكر الشيعي، متخذًا الخميني والثورة الإيرانية مثلًا له، وتشير مصادر: إلى أن حركة الحوثيين ظهرت دعوية في البدء قبل أن تتحول إلى حركة مطلبية جمعت بين الاجتماعي والسياسي. وهناك من يعيد تاريخ ظهورها إلى سنة 1992 باسم (الشباب المؤمن)، كما هو شأن العديد من الجماعات الدعوية السنية التي انخرطت في العمل السياسي ببلدانها في ما بعد، ذلك أن المنابر الدعوية سنية أو شيعية؛ عادة ما تفرز مظلميات ضد السلطات، وتحرض على التمرد والخروج.
* أحاط حسين الحوثي نفسه بالعديد من الحراس المدججين بالأسلحة، مدعيًا أنه مستهدف بالقتل، فأثّر ذلك تأثيرًا بليغًا في أتباعه، وخصوصاً أنه دائمًا ما كان يكرر في خطبه ولقاءاته مرادفات ثورية مثل: الحشد والإعداد والخروج والجهاد والتضحية، موصيًا أتباعه بعدم الخوف من المثبطين الخوالف، وأيضاً التأكيد على نصر الله للمستضعفين. وغيرها من الألفاظ التي تجمع الشباب المتحمس حول المتحدث. وبعد ما رفع أعلام ورايات حزب الله في كل مكان خاص به وبالحوثيين؛ أعلن التمرد الأول على الحكومة اليمنية، فقتل عام 2004م وعمره 46 سنة.
* جاء بعد ذلك عبد الملك الحوثي، وهو أخ لحسين الهالك، فتجاوز العديد من أشقائه الأكبر سنًا منه، وتولى زعامة الحوثيين، وأصبح قائدهم الميداني، ويمتلك أيضًا ملكة الخطابة، وجمع الأنصار، وهو الذي يتولى كِبر طائفة وحركة الحوثيين اليوم، فما هي النهاية التي يسعى إليها هو وصالح، في مقابل مصلحة الشعب اليمني ومستقبل أبنائه..؟ فعدد الحوثيين في اليمن لا يتجاوز نصف مليون نسمة، في مقابل عشرين مليون يمني.
* يُنسب إلى (محمد سالم عزان)؛ الأمين العام لمنتدى الشباب المؤمن سابقًا، مقالًا منشورًا قال فيه: (لولا الفتنة في صعدة؛ ما سُفك الدم، ولا هُدمت الدور، ولا شُردت الأسر، ولا اعتقل الناس. فسبب الحروب التي شهدتها محافظة صعدة؛ هو التمرد الذي قاده حسين بدر الدين الحوثي). ويمكن لمن يراقب الحالة اليمنية أن يضيف: أنه لولا نظرية ولاية الفقيه، ولولا الثورة الإسلامية الإيرانية الخمينية، ولولا مبدأ تصدير الثورة إلى البلدان الإسلامية وأقلياتها الشيعية، ما ظهرت الحركة الحوثية في اليمن، وما حدثت حروب التمر في صعدة، وما حصل الانقلاب العسكري في 21 مارس 2014م، وما شهدت اليمن حربًا أهلية طائفية سنية شيعية، وما شن التحالف العربي غارات جوية وعمليات برية في اليمن لدعم الحكومة الشرعية.
* انظروا إلى فداحة الأمر الذي تعلن عنه أرقام الخسائر البشرية والمادية التي دفعها اليمنيون بسبب شهوة (تحويثهم) بالقوة.. الأرقام حتى نهاية العام 2015م فقط. ماذا بعد..؟!
* تقول مصادر موثوقة: بأن الصراع مع الحوثيين تسبب بمقتل 20 ألف جندي، و10 آلاف جندي معوق، ومقتل 30 ألفاً من المدنيين، ونصف مليون من المهجرين والنازحين قسرًا، الذين شردتهم الحملات المتبادلة بين الحوثيين والجيش اليمني، و6 آلاف منشأة حكومية مدمرة، بينها 400 مسجد، وسجلت المنظمات اليمنية والدولية 13905 حالات انتهاك، تعرض لها مدنيون في محافظتي صعدة وحجة فقط على يد جماعة الحوثيين، بينها 655 حالة قتل ارتكبها الحوثيون، بينهم 59 طفلًا و48 امرأة، ويؤكد التقرير الصادر عن منظمة (وثاق للتوجه المدني)، أن جماعة الحوثيين المسلحة ارتكبت نحو 9039 انتهاكًا في صعدة، و4866 انتهاكًا في محافظة حجة خلال الفترة من يونيو (حزيران) 3004م إلى فبراير - (شباط) 2010م.
* وانظروا إلى شهادة شاهد من أهلها: قال محمد البخيتي؛ عضو المكتب السياسي لأنصار الله في تصريح سابق - من باب التفاخر ربما - بأن جماعته قتلت 60 ألف جندي وعنصر من القبائل اليمنية الموالية للحكومة اليمنية، وقال البخيتي: إنهم يشفقون على الجيش اليمني والشعب اليمني الذي لم يعد يحتمل..!!
* ثم ها هي الحركة تدفع بعض ثمن التحويث، فقد جاء أن خسائر سكان محافظة صعدة البشرية في شبابهم ورجالهم بلغت نحو 100 ألف قتيل، نتيجة الإصرار والمكابرة، في المواجهة العسكرية بين الحوثة وبين التحالف والجيش اليمني، فالحرب عمياء، لا تفرق بين المسلحين والمدنيين العاديين.
* إن ثمن (تحويث اليمن)؛ يتعاظم يومًا بعد يوم، فمتى يتوقف يا ترى..؟