حمّاد السالمي
* كانت هناك إشادة غير عادية بالتظاهرة العسكرية الحاشدة (رعد الشمال)؛ التي دعت إليها وقادتها المملكة العربية السعودية، واشتركت فيها قوات برية وجوية وبحرية قوامها ثلاثمائة وخمسون ألف مقاتل من عشرين دولة عربية وإسلامية، ظهرت من خلالها
القدرة الفائقة على الحشد والتنسيق والكفاءة القتالية بأحدث الأسلحة التي عرفت حتى اليوم.
* هذه واحدة من مؤشرات القوة الرادعة والضاربة التي تملكها المملكة العربية السعودية في مواجهة قوى الشر الصفوية ومن (تصفين) معها من الأذناب والعملاء العرب، والتي تسعى بكل الوسائل للتمدد الجغرافي في ديار العرب من شمالي وشرقي وجنوبي المملكة ودول الخليج العربية.
* درع الشمال كشفت عن الوجه العسكري الجاد للحلف الإسلامي الذي أعلنت عنه وتبنته المملكة مؤخراً، وعززت الموقف العسكري لعاصفة الحزم في اليمن، وأثبتت من جديد مصداقية مجلس التعاون الخليجي الذي استطاع الكسب والانتصار في كافة المواجهات التي خاضها بداية من ظهور الخمينية الصفوية في طهران سنة 1979م، إلى الغزو الصدامي للكويت سنة 1990م، وصولاً إلى الظاهرة الحوثية في اليمن، والعمليات الإرهابية الصفوية الإيرانية مع حزب الله اللبناني في البحرين وسورية والعراق ولبنان وغيرها.
* لقد شهدنا الكثير من النجاحات السياسية والعسكرية التي تحققت بقيادة الرياض في الأشهر الفارطة، ومن جملتها تضييق الدائرة على رؤوس الإرهاب في المنطقة وفي مقدمتهم (حزب الله الإرهابي).. ذراع إيران العميلة في المنطقة، فقد امتد التصنيف (المستحق) من مجلس التعاون الخليجي إلى الدوائر العربية والإسلامية ثم الدولية. إنها الروح الأخوية التي تجمع بين زعامات وشعوب مجلس التعاون الخليجي، تتجلى من جديد. رأينا هذا في حملة عاصفة الحزم، وفي التصدي لإرهاب (حزب الله وزنيمه نصر اللات)، وفي رعد الشمال، وفي كافة المواقف التي تتطلب الدفاع عن العرب أرضاً وبشراً وقيماً وأخلاقاً وتاريخاً.. العرب الذين لم يعرفوا الخنوع والركوع والخضوع في حياتهم لأي كان في أي زمن كان.
* إن الدعوة لتحقيق الوحدة الخليجية الكاملة؛ تتجاوز الأمنيات إلى المطالبة. إن أسس الاتحاد بين الإنسان والمكان في هذه البقعة، قائم وموجود حتى قبل قيام مجلس التعاون الخليجي، ولما أنشئ المجلس، رتب أسس وأولويات الاتحاد، بحيث كان اتحاداً سياسياً وعسكرياً، ثم اقتصادياً فيما بعد، والصوت الخليجي شبه الموحد على الصعيدين الإقليمي والدولي، يشير إلى ذلك دون مواربة، فلم يتبق سوى استكمال هذه الأسس وهذه الأولويات، في عمل سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي موحد، يشعر معه كل سعودي وكويتي وبحريني وقطري وإماراتي وعُماني، أنه مواطن عربي خليجي، يتمتع في كل قطر من هذه الأقطار الستة، بكامل حقوقه دون تمييز، أو تفضيل.
* مرّ على قيام مجلس التعاون الخليجي أكثر من ثلث قرن، وأثبتت الأيام أن ما من دولة تطمئن إليها، وأن العداوات ضد دول الخليج تزداد، والمؤامرات تُحاك، وهذه واحدة من أهم دواعي الاتحاد بين دول المجلس الخليجي، أن تجمع قواها ومقدراتها لحماية كياناتها وأمنها واستقرارها، فأعداء هذه البقعة الغنية من هذا العالم، ليس في إيران وحدها، ولكنهم كُثر، كما حدث للكويت من عراق الهالك صدام حسين، والمجلس أثبت قدرته وكفاءته على التصدي للعديد من التحديات التي كانت تستهدف بنيته التنظيمية، وتهدد حكوماته وأنظمته الأمنية والعسكرية، وقد نجح في وقف التصدير الثوري للصفوية الخمينية وقتها، واستعاد الكويت من براثن الغزاة، وهو يصمد الآن في وجه حملة فارسية ممنهجة، تدعمها قوى عربية مغرضة ومتكسبة، من أكثر من عاصمة عربية مع الأسف.
* إذا كان هذا هو حال مجلس التعاون منذ إنشائه، وما حققه من نجاحات؛ أقلها بقاءه ثابتاً مع فشل منظومات مماثلة، مثل مجلس التعاون العربي، الذي وجد للقضاء على مجلس التعاون الخليجي، والمجلس المغاربي؛ الذي ذبح على مقصلة هوس وجنون الهالك معمر القذافي، فالمستجدات والتحديات الطارئة في سنواتنا هذه، تلح في تمتين عرى الاتحاد هذه، بأن يكون اتحاداً كاملاً، يحقق القوة الفعلية لدوله وشعوبه، التي تستند إلى مشتركات مهمة، لا تتوفر إلا في محيطه.. مشتركات: (جغرافية، وسكانية، وتاريخية، واقتصادية، وثقافية) وخلافها.
* من هذا المنطلق الذي بنيت عليه أسس الاتحاد الخليجي المشترك منذ البدء، فإن: الاتحاد الخليجي الذي نتطلع إليه بين دولنا الست، مرفوض من أعداء دوله وشعوبه منذ بدايات تكونه في العام 1980م. مرفوض بشدة من إيران الفارسية، لأنه ضد أطماعها في الخليج وفي الهيمنة على دوله، ومرفوض من العراق إذا لم يتخلص من السيطرة الإيرانية، ومرفوض من التنظيمات الإرهابية والبعثية واليسارية والدينية المسيسة تحديداً في كل البلدان العربية، مرفوض من الإخوان المسلمين الذين يعتقدون أن لهم حصة في الحكم في هذه البقعة، ومن السلفيات الثورية الممالئة لداعش والقاعدة..!.
* إن حالة الرفض لهذا الاتحاد من إيران الفارسية وحدها، التي نعرف ماذا تريد، ومن تنظيمات الإخوانجيين الذين ندرك مراميهم وأهدافهم، ومن بقايا البعث واليسار المتخاذل، هذا وحده كافٍ للتسريع والانتقال من التعاون إلى وحدة أو اتحاد خليجي مكتمل الأركان.
* صباحاتكم ومساءاتكم وحدة واتحاد؛ يا أيها النبلاء في التعاون الخليجي الموحد.