جاسر عبدالعزيز الجاسر
في مقالة الأسبوع، تناول الدكتور مأمون فندي مستقبل جامعة الدول العربية بعد اختيار الدبلوماسي المصري أحمد أبو الغيط أميناً عاماً جديداً لها.
وإذ نشارك الدكتور فندي إشادته بالوزير أبو الغيط الذي يُعَدُّ - بحق - واحداً من المفكرين والدبلوماسيين العرب، إذ يتجاوز كثيراً دائرته المحلية إلى آفاق دولية. كما أننا نشارك الدكتور فندي تسميته الجامعة بـ(جراج) الدبلوماسيين العرب التي تمتلئ بالكثير من المتقاعدين الدبلوماسيين وأكثرهم من دولة المقر، كما أن الدول العربية الأخرى ترشح لشغل ما يخصص لها من نسب في وظائف الجامعة ممن انتهت فترة عملهم في سفارات بلدانهم أو في وزارات الخارجية العربية أو من أوشكت مدة خدمتهم على الانتهاء.
وهكذا أصبحت جامعة الدول العربية مكاناً مريحاً للمتقاعدين، وممن يحصلون على مكافأة نهاية الخدمة على حساب المصالح العربية، ولهذا لا عجب إن وجدت مقر جامعة الدول العربية يعج بأصحاب الرؤوس المشيبة والهامات اللامعة، لأن أكثرها فقدت شعرها، وركنت للدعة والهدوء يزيدها هدوء النسمات الهابة من نهر النيل المجاور لمقر الجامعة.
الدكتور فندي قَدَّم العديد من الاقتراحات لانتشال الجامعة من حالة سكون طالبي الهدوء والدعة ممن انتهى عمرهم الافتراضي الإبداعي، وطالب بإنشاء مركز أبحاث ودراسات يضم العقول المتميزة من خبراء الدبلوماسية العربية الذين وجهوا للجامعة لأعمال وظيفية في حين توجههم إلى الدول الأخرى لتقديم البحوث والدراسات والنصائح عبر المؤسسات البحثية وبنوك المعلومات، وهو فعلاً ما تحتاجه جامعة الدول العربية لوضع إستراتيجيات طويلة الأمد ومتوسطة وقصيرة يعمل العاملون داخل هيكلها الوظيفي على تنفيذ ما رُسم لهم. وهنا يجب أن يُعاد النظر في من يعمل داخل أجهزة الجامعة والتي يجب أن لا تقبل أن تكون مستودعاً لمن انتهت خدمتهم في وزارات الخارجية العربية، ويمكن أن يُستفاد من الخبراء والمتميزين، إلا أنه يجب أن يُوضع شرط يحدد سن العاملين في أجهزة الجامعة والمرشحين من الدول الأعضاء بحيث لا يتجاوز المرشح أربعين عاماً، لا أن يكون قد تجاوز الستين عاماً، وهم الآن الأغلبية الذين يشكلون الجهاز الإداري والسياسي والدبلوماسي للجامعة، والتي أصبحت فعلاً - كما ذكر الكاتب مأمون فندي - (جراجاً) يضم كمائن بعضها انتهى عمره الافتراضي وحصل على مكان ينعم به بالراحة والسكينة، في حين تحتاج جامعة الدول العربية إلى آلات ومكائن فعالة، وهي لا تتوافر إلا في الطاقات الشابة من الدبلوماسيين العرب الذين تحفل بهم وزارات الخارجية والسفارات العربية، فالدول العربية ولادة وجامعاتها وأقسامها السياسية والقانونية والاقتصادية تخرج عشرات الآلاف سنوياً، وهؤلاء يتقدون حماساً ومحصنون بالعلم والثقافة، وهم أدوات ناجحة وفعالة لترجمة برامج وطموحات الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية. هذا إذ أردنا للجامعة أن تسهم فعلاً في إيجاد حلول للأزمات والمشكلات التي تواجه الدول العربية. أما إذا واصلنا السياسة السابقة فعلينا توسيع (الجراج) لأن المتقاعدين يتزايدون وهم بحاجة إلى توفير مكان آمن لاستيعابهم.