جاسر عبدالعزيز الجاسر
أدخل المسلمون العرب نهجاً سبقوا فيه الأقوام الأخرى، إذ حرص قادة المسلمين وحلفاؤهم على تزويد قادة الجيوش الإسلامية التي انطلقت لنقل الرسالة الإسلامية إلى الأمم الأخرى جملةَ وصايا لا تزال إحدى الركائز المهمة في أخلاقيات الحروب.
وصايا الرسول محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - لقادة الجيوش، والتي كررها وأكدها عليها خلفاؤه من بعده، أن (لا تقتلوا صبياً ولا امرأة ولا شيخاً ولا تقطعوا شجرة، ولا تهدموا ديراً، ولا تضايقوا رهبان وعباد ونساك يعبدون الله). وصايا تلتزم بها الجيوش الإسلامية، إلا من شذَّ وانتهج الإجرام والإرهاب، والذي أصبح دأب وسلوك الجماعات الإرهابية والتي ترتكب أفظع الجرائم وأبشع الأعمال لتحقيق أحلام من دفعوها لذلك، ولا تتردد في ذلك من خرق لميثاق الحروب وأخلاقياتها، وفي سبيل ذلك تقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتمارس أساليب التجويع والحصار القسري لمنع وصول الأغذية والأدوية إلى المناطق التي تحاصرها، والتي تضم مئات الآلاف من المدنيين إن لم يصلوا إلى الملايين.
من بين الجماعات والمليشيات الإرهابية التي تنتهج هذا الأسلوب في قتالها جماعة الحوثي في اليمن وأنصار الرئيس اليمني المعزول علي عبدالله صالح، الذي يلتف حوله ما تبقى من فلول الحرس الجمهوري في اليمن، والذي أنشأه ووضع على قيادته نجله العميد أحمد علي صالح. وبما أنَّ الحرس الجمهوري قد أُنشئ أصلاً لحماية علي عبدالله صالح، وتربى على عقيدة عسكرية تمنح الولاء المطلق للرئيس علي صالح وأبنائه، فقد ظلوا على ولائهم للرئيس رغم عزله. وطالما وفَّر لهم الأموال وأبقاهم على تمتعهم بكل الامتيازات التي كانوا يحصلون عليها، فقد أعطوا ظهورهم للوطن، وارتموا في أحضان المعزول وحلفائه الحوثيين. ولتحقيق أطماع الحوثيين والمعزول لم يتوانوا من ارتكاب أبشع الجرائم بمثل ما يقوم به الحوثيون، بل تباروا معهم على من أكثر إجراماً عن الآخر.
وسِجِل الجماعتين حافل بالجرائم ضد اليمنيين وضد جيرانهم من الذين لم يتوانوا عن مساعدتهم وتلبية طلباتهم في كل ما يحتاجونه، فلم يسلم من أذاهم من ينتمون إليهم من الشعب اليمني، أو من يجاورهم، فلم يسلم من جرائمهم الجار ولا الدار.
فبالإضافة إلى عدوانهم المستمر على المناطق الحدودية السعودية واستهدافها بصواريخ (جراد البلاستينية) والتي توجه عمداً إلى القرى الحدودية التي لا تضم سوى عوائل مدنية غير مقاتلة، واستهداف منشآت مدنية كالمدارس والمستشفيات والمساجد، مما تسبب في سقوط شهداء مدنيين لا ذنب لهم سوى وجودهم في مناطق حدودية تقع في مرمى هؤلاء الأشرار. وإضافة إلى استهدافهم المناطق السعودية الحدودية، تركز إجرام الحوثيين والانقلابيين من جماعة الرئيس المعزول علي عبدالله صالح على إيذاء اليمنيين، فتوسعوا بالإجرام الشامل بدءاً من الحصار الهادف إلى تجويع سكان المدن اليمنية الكبرى كعدن وتعز اللتين تحررتا بفضل من الله ثم بدعم أشقاء اليمنيين من القوات السعودية والإماراتية، ولا تزال صنعاء تحت حصار وهيمنة هذه العصابات التي نهبت أرزاق الصنعانيين وفرضت تسلطاً وقهراً على كل من يقيم في العاصمة، كما نهبت الأموال العامة والمواد الغذائية والطبية وحولتها إلى مليشياتها التي تجردت من كل الأخلاق، ولم تحد من أفعالها الشريرة زعمها الانتماء للإسلام ولا كونها من فصيلة الإنسان.