د. خيرية السقاف
عن بعد يهدر صوتها
يتخطى المسافات، يستقر في سمعي..
الهواء المبرَّد في صبحٍ مطيرٍ تستضيفه النافذة..
يتجول في الداخل حجرة حجرة، وممراً وآخر..
كأنه يزغرد كما تقول جداتنا..
يتطوف بالبيت..
صوتها يبعث نشوة ذات مذاق خاص في الجوف..
أتخيلها تمتزج بطعم الماء الذي أرتشف هذه النشوة..
صوتها يهدر لكن الرأس يبقى ممتلئاً بالفرح..!!
كنت دوماً أؤكد أنّ الرأس يفرح فيه العقل بتفاصيله كما النفس بمشاعرها..
الذاكرة تتماهى في تماديها بصوتها البالغ أوتاري..
تذكرني بأبي يوم وقفت جواره ومثلها تهدر في ساحة بيتنا..
كان يومها يقول إننا كبرنا، وكثرنا
والمساحة تتسع لحجرات أخرى..!
صوتها من بعيد يلح بصورة المدينة تتنامى،
وسوف..
المدينة بيتنا الكبير الآن تتسع
هديرها المتواصل مذ يتنفس الصبح يخبرنا،
صوتها المتكرر تغوص في عمق أرضها..
الهادر المتردد يوقن بالآتي..
المدينة ستعلو مبانيها
ستتسع لمن كبروا، وكثروا..
لما يتحضر أكثر وينمو
المدينة تمتد، لتستوعب الكثرة، والتجدد..
صوتها هذه الآلات لا يزعجني..
فالحياة في المدينة حولي تتجدد، وتنمو..!